هل يمكن لفيتامين د منع كوفيد-١٩؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

فيتامين د مهم للحفاظ على نظام مناعة قوي، وتشير الدراسات الأولية إلى وجود صلة محتملة بين معدلات نقص فيتامين (د) و كوفيد-١٩؛ عوامل الخطر لنقص فيتامين د هي أيضًا عوامل خطر لعدوى كوفيد-١٩. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لاستخلاص استنتاجات طبية حول العلاقة بينهما، ولكن، حيث تهيمن الأخبار على العناوين الرئيسية التي تعزز التدابير الوقائية والعلاجات المحتملة لـكوفيد-١٩، أحد التدابير الوقائية الاستخدام المحتمل لفيتامين د كوسيلة لتقليل خطر الإصابة بالمرض، وكذلك للحد من شدة المرض في حالة الإصابة به. ولكن من المهم بالنسبة للمستهلكين فهم البحث وراء العناوين الرئيسية قبل اتخاذ قرارات بشأن تناول المكملات الغذائية أو استهلاك فيتامين د بشكل إضافي.



ما هو فيتامين د؟


فيتامين د هو فيتامين قابل للذوبان في الدهون، يوجد في بعض الأطعمة التي تستهلكها. على سبيل المثال، تعد الأسماك الدهنية مثل السلمون، والتونة، والماكريل مصادر جيدة لفيتامين د. وتحتوي بعض الأطعمة، مثل بعض منتجات الألبان، وحبوب الإفطار، وعصير البرتقال على فيتامين د. حقيقة أن هذا العنصر الغذائي قابل للذوبان في الدهون تعني أنك بحاجة إلى استهلاك الدهون لامتصاصها. يذوب فيتامين د في الدهون أو الزيوت، ويمكن تخزينه في الأنسجة الدهنية في الجسم. إحدى الطرق الأساسية لامتصاص فيتامين د هي من خلال التعرض لأشعة الشمس. تسبب الأشعة فوق البنفسجية استجابة في خلاياك لإنتاج فيتامين د ليستخدمه جسمك. وإذا كانت بشرتك فاتحة، يجب أن تهدف إلى الحصول على ما لا يقل عن ١٥ دقيقة من أشعة الشمس المباشرة، ولكن إذا كانت بشرتك داكنة، فستحتاج إلى ساعتين من التعرض للشمس للامتصاص الكافي. 


ماذا يفعل فيتامين د؟


يلعب فيتامين د عدة أدوار مهمة في الجسم. يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم للحفاظ على صحة جيدة للعظام، ويساعد على تعديل نمو الخلايا، ويساعد على نقل الرسائل بين الأعصاب والعضلات، وهو فيتامين مهم أيضًا لصحة المناعة. يساعد فيتامين د على تقليل الالتهاب في الجسم من خلال محاربة البكتيريا والفيروسات، ولهذا السبب، ينتبه بعض الناس لمستويات فيتامين د في جسمهم عند محاولة محاربة الأمراض. وفقًا للباحثين، يرتبط انخفاض مستويات فيتامين د ببعض الأمراض غير المعدية وزيادة القابلية للأمراض المعدية، خاصة التهابات الجهاز التنفسي العلوي. في الواقع، أظهرت مراجعة نُشرت عام ٢٠١٧ في المجلة الطبية البريطانية أن مكملات فيتامين د آمنة ومحمية ضد التهابات الجهاز التنفسي الحادة. 


فيتامين د وكوفيد-١٩


اقترحت العديد من الدراسات الأولية أنه قد تكون هناك علاقة بين مستويات فيتامين د في مجموعات سكانية مختلفة ومعدلات الإصابة بكوفيد-١٩ ومعدلات الوفيات. لكن البحث محدود وحتى الآن لا يُعرف ما يكفي عن العلاقة بينهم لاستخلاص استنتاجات راسخة. على سبيل المثال، أفادت دراسة نُشرت في المجلة الطبية الأيرلندية أن البلدان الأوروبية التي لديها معدلات أعلى من نقص فيتامين د أظهرت معدلات أعلى من عدوى كوفيد-١٩ ومن الوفيات. لكنهم لا يستطيعون استخلاص استنتاجات حول ما إذا كان هذا يثبت وجود علاقة بينهم. ولكن بشكل عام، لاحظ الباحثون أن عوامل الخطر لنقص فيتامين د هي أيضًا عوامل خطر للإصابة بكوفيد-١٩.


يقترح مؤلفو الدراسة أن تحسين مستويات فيتامين د وفقًا للتوصيات الوطنية والدولية قد يوفر فوائد في تعزيز صحة العظام وإدارة فيروس كوفيد-١٩. تشير مصادر طبية أخرى إلى أن فيتامين د قد يلعب دورًا في علاج أو الوقاية من كوفيد-١٩، لكن معظم الدراسات تشير إلى أن البحث في مراحله المبكرة ويدعو إلى إجراء تحقيقات مستمرة. يقترح مؤلفو الدراسة على وجه التحديد أن هناك ما يبرر إجراء المزيد من الأبحاث المخصصة لأن فيتامين د قد أثبت بالفعل أنه يحمي من التهابات الجهاز التنفسي الحادة. وأن كبار السن الأكثر تعرضًا للإصابة بكوفيد-١٩، هم أيضًا الأكثر تعرضًا لنقص مستويات فيتامين د.


كيفية الحفاظ على مستويات فيتامين د في الجسم


تختلف التوصيات بتناول فيتامين د حسب العمر. يُنصح البالغون تحت سن ٧٠ بتناول ١٥ ميكروغرام (أو ٦٠٠ وحدة دولية) من فيتامين د في اليوم. إذا كنت تبلغ من العمر ٧١ عامًا أو أكثر، يوصى باستخدام ٢٠ ميكروغرام (أو ٨٠٠ وحدة دولية.)


اختبار فيتامين د


يمكن لإختبار الدم أن يُثبت إذا كانت مستويات فيتامين د كافية في جسمك أم لا. يتفق العديد من الخبراء على أن الفحص على مستوى الأشخاص المعرضين لخطر منخفض مع عدم وجود أعراض ليس من المرجح أن يوفر فائدة كبيرة. ومع ذلك، هناك ظروف يكون الاختبار فيها معقولًا. دكتور دانيال كولفر، طبيب رئوي وعناية حرجة في كليفلاند كلينك، يقول إن معظم الأفراد، وخاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق منخفضة التعرض لأشعة الشمس أو الذين يأكلون وجبات منخفضة في فيتامين د، يجب اختبارهم. وقد اقترحت الدراسات أيضًا أن الاشتباه في بعض الحالات، بما في ذلك الكساح، ولين العظام، وفرط نشاط الغدة الدرقية، أو أمراض الكلى المزمنة (CKD) تستحق اختبار فيتامين د.


علامات النقص


قد تواجه أعراضًا إذا كنت تعاني من نقص في فيتامين د. يقول د. كلفر أن الأعراض قد تشمل التعب والألم. تشير عيادة كليفلاند أيضًا إلى أن ضعف العضلات، أو آلام العضلات، أو تقلصات العضلات، وتغيرات المزاج، مثل الاكتئاب، يمكن أن تكون أعراض لنقص فيتامين د. ويضيف دكتور كلفر أنه إذا كنت تعاني من نقص في فيتامين د، فمن المحتمل أيضًا أن لديك مستويات منخفضة من الكالسيوم. في الحالات الشديدة، يمكن أن يسبب نقص فيتامين د الكساح عند الأطفال. وعند البالغين، يمكن أن يؤدي النقص إلى لين العظام، وهي حالة تسبب آلام العظام وضعف العضلات.


كيفية الحصول على المزيد من فيتامين د


هناك طرق مختلفة للحفاظ على مستويات فيتامين د المناسبة في الجسم، أولها، تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د. تشمل الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د الأسماك الدهنية (السلمون، والتونة، والماكريل،) وكبد اللحم، والجبن، وصفار البيض، والفطر. يمكنك أيضًا زيادة تناولك لفيتامين د من خلال تناول الأطعمة المدعمة، مثل عصير البرتقال، والحليب، وحبوب الإفطار، وغيرها من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د. يعد التعرض لأشعة الشمس طريقة أخرى للحصول على المزيد من فيتامين د. لكن، هذا عن طريق التعرض المباشر للشمس، فلا ينتج ضوء الشمس من خلال النافذة فيتامين د في الجسم، كما يقلل الظل، والسحب، والبشرة الداكنة من كمية فيتامين د التي يصنعها الجسم.


تشير الدراسات إلى أن فيتامين د الناتج عن التعرض لأشعة الشمس قد يستمر مرتين على الأقل في الدم مقارنة بفيتامين د المستهلك في الطعام أو المكملات الغذائية. وفقًا لإحدى الدراسات، عندما يتعرض شخص بالغ يرتدي لباس سباحة لجرعة واحدة من الأشعة فوق البنفسجية، فإن كمية فيتامين د المنتجة تعادل تناول ما بين ١٠٠٠٠ و ٢٥٠٠٠ وحدة دولية. ولكن بالطبع، التعرض للشمس يأتي مع زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد. لذلك، ينصح الخبراء بارتداء واقي الشمس لتقليل هذا الخطر.



في حين أنه من المغري محاولة تقليل خطر كوفيد-١٩ المحتمل عن طريق زيادة تناولك لفيتامين د، فمن السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيوفر أي فائدة في الوقاية من المرض أو علاجه. يشير د. كلفر إلى أن الدراسات ليست نهائية، وقد تكون هناك عوامل أخرى تفسر نتائج الدراسة. باختصار، يقول ليس لدينا حتى الآن دليل على أن مكملات فيتامين د ستساعد في منع أو تحسين كوفيد-١٩. وإذا كانت لديك مخاوف بشأن مستويات فيتامين د في جسمك، فتحدث إلى طبيبك، وناقش معه الأعراض التي تشعر بها وعادات نمط حياتك، بما في ذلك الأطعمة التي تتناولها، ومقدار تعرضك لأشعة الشمس يومياً، بالإضافة إلى تاريخك الصحي. يمكن زيارتك للطبيب أن تساعدك في اتخاذ قرار للوقاية الصحية المثلى من المرض.

في الأخبار