
في حين أن الإنفلونزا وفيروس كورونا كلاهما يسببان أمراض الجهاز التنفسي، إلا أنهما مختلفان. حيث أن السعال الجاف، والحمى الشديدة، والإرهاق الجسدي هما الثلاثة أعراض مرتبطة بشكل وثيق بفيروس كورونا. على الرغم من أن كبار السن وأولئك الذين يعانون من ضعف المناعة هم الأكثر عُرضة لخطر الإصابة بمضاعفات فيروس كورونا، إلا أن الشباب الأصغر سنًا يمكن أيضًا أن يكون لديهم مضاعفات من الفيروس. ويُعد غسل يديك، وتجنب لمس وجهك، وممارسة التباعد الاجتماعي هم أفضل الطرق لحماية نفسك من الفيروس التاجي الجديد.
ورغم الأعداد المتزايدة لحالات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا بناءً على مصادر بمنظمة الصحة العالمية، إلا أن بعض الناس تختار تجاهل خطورة الوباء. ويمكن أن يرجع ذلك إلى صعوبة تخيّل أن مرضًا شبيهًا بالإنفلونزا يمكن أن يكون مدمرًا للغاية. وبينما يحاول الناس حول العالم فهم حجم فيروس كورونا، فإن التفرقة بين المعلومات الصحيحة والمعلومات الخاطئة قد يكون أمرًا صعبًا. لذلك، سنسرد إليك الحقيقة من الخبراء حول 5 من الخرافات الأكثر شيوعًا حول الوباء.
الخرافة الأولى: فيروس كورونا هو مجرد نوع آخر من الإنفلونزا
تتسبب الإنفلونزا في موت الكثيرين كل عام، ولكن حقيقة أن لدينا أنواع علاج مختلفة ومزيد من الوعي عن الإنفلونزا تجعلها مرضًا أكثر قابلية للفهم. ومع ذلك، في حين أن الإنفلونزا وفيروس كورونا كلاهما يسببان أمراض الجهاز التنفسي، إلا أنهما مختلفان – كما ذكرنا سابقًا.
قال الدكتور "بروس إي هيرش" وهو الطبيب المعالج والأستاذ المساعد في قسم الأمراض المعدية في نورثويل هيلث في نيويورك: أن هناك بعض التداخل بين فيروس كورونا والأمراض الأخرى التي تسببها العدوى الفيروسية. يقول أيضًا: "الاختلافات بين الفيروس التاجي والإنفلونزا والفيروسات الأكثر شيوعًا التي لا تزال متداولة، هي أن الفيروس التاجي يرتبط بمستقبلات في الجزء السفلي من الشعب الهوائية، وهذا يفسر حقيقة أنه في كثير من الأحيان - ولكن ليس دائمًا - يأتي مصاحبًا له السعال الجاف مع الحمى والإرهاق الجسدي."
فكرة أننا يمكن أن نكون عُرضة لبعض الأمراض المعدية كمجتمعات، ليست جديدة. الجديد هو الشدة المفاجئة لهذا. وكما يبدو أن الأمر عالمي وأننا جميعًا نتأثر شخصيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وطبيًا، وقبول ذلك واستيعابه يمثل تحديًا هائلًا. ويوصي مركز السيطرة على الأمراض بأن يرتدي جميع الأشخاص أقنعة الوجه القماشية في الأماكن العامة، حيث يصعب الحفاظ على مسافة 6 أقدام عن الآخرين، سيساعد ذلك على إبطاء انتشار الفيروس.
الخرافة الثانية: فيروس كورونا يؤثر فقط على كبار السن
في حين أن معظم الأشخاص المصابين بفيروس كورونا يصابون بالمرض الخفيف أو غير المعقد منه، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي 14% من الأشخاص المصابين يصابون بأعراض حادة، ويحتاجون إلى دخول المستشفى، وينتهي الأمر بنسبة 5% منهم في وحدة العناية المركزة.
على الرغم من أن كبار السن وأولئك الذين يعانون من ضعف المناعة هم الأكثر عُرضة لخطر المضاعفات، فإن الشباب ليسوا آمنين تمامًا. وفي الواقع، أظهرت بيانات موثوقًا بها من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه من بين 2500 شخصًا تقريبًا مصابين بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، كان 29% منهم تتراوح أعمارهم من 20 إلى 44 عامًا.
ويقول دكتور "بروس إي هيرش": أن الشباب أقل عُرضة للإصابة بمرض شديد. لكننا منزعجون للغاية لرؤية عدد لا بأس به من الأفراد الأصغر سنًا ممن تقل أعمارهم عن 60 عامًا - في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر - وبعضهم متأثر بشدة، يوّضعون على أجهزة التنفس، ويحتاجون إلى كميات هائلة من الرعاية والموارد الطبية." وقد قال: إن العديد من مرضاه الأصغر سنًا يعانون من زيادة الوزن، ويعانون من مرض السكري غير المُدار أو ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.
يقول "هيرش" أيضًا: "أحد الأسباب التي تجعل سكاننا ضعفاء ليس فقط ميلنا إلى الازدحام مع الآخرين، ولكن أيضًا أن الكثير منّا يعيشون تحت الضغط، ولا يناموا جيدًا، وقد لا يتم التحكم في ظروفهم الصحية المزمنة بشكل جيد." ويرجع ذلك إلى أن بعض التقارير المبكرة قد ركزت على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل أساسية باعتبارهم الأكثر عرضة لخطر الوفاة من فيروس الكورونا. وقد ساهم ذلك في شعور الشباب حول العالم بالأمان من الفيروس والاستمرار في حياتهم كالمعتاد.
الخرافة الثالثة: لا يوجد شيء يمكننا القيام به حتى يتم اختراع اللقاح
قال دكتور "هيرش" إن اللقاح الفعال على بعد حوالي من 12 إلى 18 شهرًا. وبمجرد أن يصبح متاحًا، سيستغرق الأمر وقتًا لفهم مدى فعاليته. وقال: "إنه شيء نسعى جاهدين من أجله، لكنني لا أعتقد بشكل يقيني أن اللقاح سينهي الوباء."
وأضاف: "أن التركيز على الأدوية الأخرى لعلاج أعراض فيروس الكورونا المحتملة مهم أيضًا، بالإضافة إلى الأدوية التي يمكن أن تهدئ استجابة الالتهابات في الجسم للعدوى." ويختتم كلامه بـ: "أنه من المهم تقييم هذه العلاجات بطرق تعطينا المعرفة لكيفية التعامل مع الفيروس. وأخشى أن هذا الفيروس قد لا يختفي بالسرعة التي أتمنى أن يكون عليها، ومن المهم أن يكون لديك استراتيجية أخرى لمحاولة مواجهته."
الخرافة الرابعة: هذا الفيروس قد تم إنشائه من قِبل الناس
في حين أن الفيروس التاجي الذي يسبب فيروس كورونا هو جديد، إلا أن هناك فيروسات تاجية أخرى تسببت في مشاكل صحية لدى البشر في السنوات الأخيرة، بما في ذلك أولئك المسؤولون عن السارس وميرس. وقال دكتور "هيرش": "علاوة على ذلك، فإن بعض الفيروسات في مجموعة الخفافيش قادرة وراثيًا على التسبب في الأوبئة في المستقبل." ويقول دكتور "هيرش" أيضًا: "إن التفكير في هذا الفيروس كسلاح بيولوجي خرج عن السيطرة أو كشيء من صنع الإنسان، يُعد آلية دفاع نفسي لتكون قادرًا على فهم هذه الظاهرة، واحتوائها، وإضفاء طابع آخر عليها. كما أنه يجعل العالم أسهل في الفهم، ويعطي راحة زائفة لنا في مواجهة هذا الفيروس. وأن حقيقة الموقف أننا كائنات بيولوجية نعيش في عالم مع كائنات بيولوجية أخرى لا يمكننا السيطرة عليها دائمًا."
ويكمل دكتور "هيرش" حديثه بـ: "هناك خفافيش تعيش بالقرب من البشر، والفيروسات تعيش داخل الخفافيش. شخصًا ما يصاب على بعد 7500 ميل من نيويورك حيث أعيش، فتتأثر صحة هذا الشخص وصحتي بشكل مباشر مع بعضهما البعض. هذا هو العالم الذي يتعين علينا مواجهته."
قد يكون الإيمان بنظرية المؤامرة حول فيروس كورونا أمرًا غير شائعًا. على الرغم من ذلك، فإن حوالي 50% من سكان العالم يؤمنون بنظرية مؤامرة من نوعًا ما. في حين أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس لا يؤمنون بنظريات المؤامرة، إلا أن الأدلة تُشير إلى أن نظريات المؤامرة متجذرة في الناس. فعندما لا يثق الناس في مصادر المعلومات الموثوقة - بناءً على الخبرة الشخصية أو الانتماء السياسي أو أي شيء آخر - يصبحون حينها عُرضة للتضليل. وبالطبع، هناك الكثير من المعلومات الخاطئة والعديد من الأماكن التي تزدهر فيها نظريات المؤامرة، وخاصة عبر الإنترنت.
الخرافة الخامسة: الحكومات والعلماء يخفون المعلومات
قال دكتور "هيرش": "إن عدم الثقة في مؤسسات السلطة، مثل منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض، في الوقت الحالي، يمكن أن يكون مشكلة. يجب أن تكون إحدى استراتيجياتنا للتكيف هي اللجوء إلى الأشخاص الذين لديهم أفضل قدرة على فهم الجانب العلمي لهذا الأمر على الأقل، والحصول على رؤاهم حتى يكونوا قادرين على الاستعداد بشكل مناسب والعناية بأنفسنا وبلادنا".
فبالنسبة لبعض الأمريكيين، إن عدم الثقة يأتي أحيانًا من فكرة أن الليبراليين سيفعلون أي شيء لتدمير فرص الرئيس ترامب في إعادة انتخابه، وبالتالي فهم يرون أن فيروس كورونا مؤامرة، ولا يؤمنون بخطورته. وبدلاً من ذلك، اختاروا الاعتقاد بأن وسائل الإعلام تثير الذعر لدفع الاقتصاد لأسباب سياسية. وبالمثل، لدينا جميعًا تحيزات معرفية تتعلق بتقييم المخاطر. في بعض الظروف نميل إلى التقليل من المخاطر (كما هو الحال مع فيروس كورونا) تمامًا، كما نميل أحيانًا إلى المبالغة في تقديرها (كما هو الحال مع مخاوف من ندرة الحدوث، مثل تحطم الطائرات).
من الممكن نظريًا أننا نبالغ في رد فعلنا تجاه فيروس كورونا، إذا أخذنا في الاعتبار التداعيات التي يمكن أن يحدثها التباعد الاجتماعي الصارم على اقتصادنا. إن الإجماع السائد بين علماء الصحة العامة، وعلماء الأوبئة، والمتخصصين في الأمراض المعدية هو أن الإجراءات الصارمة لها ما يبررها من أجل تسوية المنحنى وتقليل الأثر - خاصةً عدد الوفيات - المرتبط بفيروس كورونا. إذا قبلنا هذا المنظور، واحتمال خسارة أكبر عدد من الأرواح كما حدث في عام 1918 مع الإنفلونزا الإسبانية، فإن الرد الفعل الزائد أمر منطقي. لكن الحقيقة هي أن مثل هذا التباعد الاجتماعي غير المسبوق سيكون له بالفعل آثار كارثية محتملة على الاقتصاد كلما استمرت فترة أطول.
في بعض الحالات، تنشأ نظريات المؤامرة على أساس التضليل المتعمد. فالمعلومات الخاطئة هي أداة معروفة أو سلاح سياسي معروف ارتبط تقليديًا بأنظمة استبدادية مختلفة. ويتم استخدامه بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، لتحقيق أهداف سياسية. جادل البعض في أن الهدف هو جعل الناس يفقدون الثقة، ليس فقط في مؤسسات السلطة، ولكن يفقدون الثقة في مفاهيم الحقيقة والثقة نفسها.
وفي النهاية، يحث دكتور "هيرش" الناس على الاستماع إلى التوصيات التي وضعها الخبراء، مثل غسل يديك بشكل متكرر، وتجنب لمس وجهك، وممارسة التباعد الاجتماعي. ومع ذلك، ولأن فيروس كورونا يتسبب في أكثر المشاكل الصحية حدة، خاصةً عندما تكون مناعة الشخص ضعيفة وعُرضة للالتهابات، ففي هذه الحالة تُعد السيطرة على صحتك أمر بالغ الأهمية.
ويضيف: "فإذا كنا من السكان الأكثر صحة، فسنكون قادرين على أن نكون أكثر مرونة في مواجهة هذه الأنواع وغيرها من مشاكل العدوى." واقترح أخذ هذا الوقت لبدء ممارسة نظام غذائي جيد، والحصول على قسط كاف من النوم، وإيجاد طرق للحد من التوتر. إذا كنت تعاني من حالة صحية مزمنة، فحاول علاجها قدر الإمكان. وسواءً كنت تؤمن بنظرية مؤامرة تتعلق بفيروس كورونا أم لا، يقول دكتور "هيرش" أن واقعه اليومي في علاج مرضى فيروس كورونا يثبت أن الفيروس التاجي الجديد يعيث فسادًا في حياة الناس. وأضاف: هناك أشخاص ليسوا على استعداد لقبول هذه الحقيقة، وأن اختلاق الأساطير لحماية رؤيتهم للعالم يسيء لهم ولنا جميعًا. أحد تحديات هذا الفيروس هو قبول بعض الحكمة المتواضعة حول من نحن، حول وفياتنا وضعفنا في هذا العالم، وأن صحتنا تعتمد على صحة جيراننا العالميين على هذا الكوكب."