
غالبًا ما يُنظر إلى المضادات الحيوية على أنها أدوية رائعة، وهم كذلك من نواح كثيرة. حيث أحدثت المضادات الحيوية ثورة في الطب وأنقذت أرواحًا لا تعد ولا تحصى خلال القرن الماضي. لسوء الحظ، يعتمد العديد من مقدمي الرعاية الصحية الآن بشكل كبير على المضادات الحيوية ويصفونها عندما لا تكون ضرورية. أصبح المرضى أيضًا يتوقعون - بل ويطلبون - المضادات الحيوية في كل مرة يمرضون فيها. لماذا هذه مشكلة؟ لأن ذلك أدى إلى زيادة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية التي أصبح علاجها أكثر صعوبة. لو كان طبيبك يوصف لك مضادًا حيويًا كلّما تمرض، فتعرّف على الحالات التي يمكنهم علاجها، ولماذا تكون العدوى المقاومة للمضادات الحيوية مخيفة جدًا، وكيف يمكن للأطباء والمرضى أن يكونوا أكثر ذكاءً بشأن استخدام المضادات الحيوية.
ماذا تفعل المضادات الحيوية؟
أحياناً المرضى الذين يأتون يشتكون من السعال، أو ضغط الجيوب الأنفية، أو وجع الأذن يُحبطون عندما لا يصف الطبيب مضادًا حيويًا لهم. لكن المضادات الحيوية لا يمكنها علاج كل شيء. تعالج المضادات الحيوية الالتهابات البكتيرية، لكنها لا تعمل ضد الالتهابات التي تسببها الفيروسات (الالتهابات الفيروسية). إذن ما هي الأمراض البكتيرية وما هي الفيروسية؟
أمثلة على الالتهابات البكتيرية:
- التهاب الحلق
- التهاب رئوي
- التهابات المسالك البولية (UTIs)
- التهابات الجلد
أمثلة على الالتهابات الفيروسية:
- البرد
- الأنفلونزا
- الالتهاب الشعبي
- معظم حالات السعال
- معظم حالات التهاب الحلق
وجدت دراسة أنه من بين ١٧ مليون وصفة طبية مكتوبة لعدوى الجيوب الأنفية - السبب الأكثر شيوعًا لوصف المضادات الحيوية - كانت ٦ ملايين وصفة غير ضرورية. بالنسبة للمضادات الحيوية الموصوفة لأمراض الجهاز التنفسي الحادة (مثل السعال أو الاحتقان)، تم اعتبار نصفها فقط مناسبًا. وذلك لأن الغالبية العظمى تعاني من التهابات الجهاز التنفسي العلوي، وهي التهابات فيروسية وليست بكتيرية. العدوى الفيروسية، في الغالب، تأخذ مجراها حتى تُشفى؛ يمكن أن تستمر الأعراض من أسبوعين إلى أربعة أسابيع.
في حين يتم وصف المضادات الحيوية في كثير من الأحيان، فإنها لا تخلو من المخاطر. في الواقع، واحدة من كل خمس زيارات لغرفة الطوارئ لحدث دوائي ضار هي بسبب مضاد حيوي. يمكن أن يتسبب أحد المضادات الحيوية الشائعة، أزيثروميسين (المعروف أكثر باسم Z-Pak)، في اضطراب نظم القلب، والذي يُعد شديد الخطورة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية موجودة مسبقًا. حتى الأموكسيسيلين يحمل مخاطر الآثار الجانبية الخطيرة، وهو أحد أنواع المضادات الحيوية.
إلى جانب مخاطر الآثار الجانبية، هناك سبب آخر لتجنب وصف المضادات الحيوية عندما لا تكون هناك حاجة إليها، وهي العدوى المقاومة للمضادات الحيوية. عندما تم اكتشاف المضادات الحيوية لأول مرة، كان هناك ازدهار في تطوير مضادات حيوية جديدة. ومع ذلك، فقد تباطأ ذلك بشكل كبير منذ التسعينات. في الواقع، لم يتم اكتشاف فئة جديدة من المضادات الحيوية خلال الثلاثين عامًا الماضية. فلقد تم وصف نفس الأدوية لسنوات لأنها نجحت - حتى الآن. لكن البكتيريا ذكية، فهي تتطور إلى سلالات جديدة من أجل البقاء على قيد الحياة في المستقبل ضد هجمات المضادات الحيوية.
كلما زاد استخدام المضادات الحيوية، كلما طورت البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، مما يجعل الدواء أقل فعالية. هذا صحيح حتى عند استخدام مضاد حيوي لعلاج عدوى فيروسية. لن يعالج المضاد الحيوي العدوى الفيروسية، لكنه سيهاجم البكتيريا التي لا تسبب لك الأذى - وستتكيف البكتيريا لتجنب استهدافها في المرة القادمة. عندما تصبح البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، قد يحتاج المرضى إلى مضادات حيوية أقوى أو قد يحتاجون إلى تناولها لفترة أطول. قد تتوقف المضادات الحيوية عن طريق الفم عن العمل، وسيحتاج المرضى إلى التحول إلى الأدوية الوريدية. أو قد تأتي نقطة لا يعمل فيها مضاد حيوي على سلالة معينة من البكتيريا.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن مليوني شخص أصيبوا بالعدوى وتوفي ٢٣ ألف شخص بسبب العدوى المقاومة للمضادات الحيوية في عام ٢٠١٣. ويتوقع أحد التقارير أنه بحلول عام ٢٠٥٠، ستقتل العدوى المقاومة للمضادات الحيوية أشخاصًا أكثر من السرطان. لكن من خلال زيادة الوعي، يمكننا المساعدة في درء تهديد الصحة العامة.
يجب علينا في كل مرة نذهب فيها للطبيب، ونأخذ وصفة طبية لمضاد حيوي، أن نسأل أنفسنا ما إذا كُنّا بحاجة إليها حقًا. ولا يجب أيضًا أن يستسلم الأطباء لضغوط المرضى الذين يطلبون مضادًا حيويًا إذا كانوا يعلمون أنه لن يساعدهم. هناك حل آخر بسيط يمكن للأطباء استخدامه لزيادة وعي مرضاهم، فيما يخص استخدام المضادات الحيوية، وهو تعليق الملصقات التعليمية في غرف الفحص. وجدت دراسة أجريت عام ٢٠١٤ أن العيادات التي لديها علامات تشرح مخاطر وفوائد المضادات الحيوية والتزام مقدمي الخدمة بالوصف المسؤول شهدت انخفاضًا بنسبة ٢٠ في المائة في وصفات المضادات الحيوية غير الملائمة.
نصائح للمرضى لاستخدام المضادات الحيوية بطريقة مسؤولة
هناك ثلاث طرق يمكنك من خلالها مكافحة مقاومة المضادات الحيوية:
لا تضغط على الطبيب ليصف مضادًا حيويًا، أنت بالطبع تريد أن تشعر بتحسن سريع، ومع ذلك، فإن المضادات الحيوية لن تساعد في كل الحالات. في بعض الأحيان، كل ما يمكننا فعله هو منح المرض وقتًا ليمضي، فبعض الأمراض بحاجة إلى بضعة أيام أخرى - لذلك حاول التحلي بالصبر.
إذا تم وصف مضاد حيوي لك، فاتبع الإرشادات التالية:
- خذ كل الأدوية كما هو موصوف، حتى لو شعرت بتحسن.
- لا تستخدم المضادات الحيوية القديمة لعدوى جديدة.
- لا تُعطي المضادات الحيوية إلى شخص ما كعلاج دون وصف من طبيب.
كيفية المساعدة في تخفيف أعراض البرد والجهاز التنفسي العلوي:
يمكن أن تستمر العدوى الفيروسية لمدة أسبوعين أو أكثر، وقد تشعر بالفزع لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ولكن بعد ذلك تميل الأعراض إلى التلاشي. خلال هذا الوقت، يمكنك تجربة الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية والعلاجات المنزلية للمساعدة في تخفيف الأعراض مثل:
- السعال: طارد للبلغم أو مثبط للسعال، وبخاخ الأنف الستيرويد، وأقراص الاستحلاب، وينسون بالعسل
- احتقان الأنف وضغط الجيوب الأنفية: مزيل احتقان الأنف أو الفم، أو رذاذ الأنف
- التهاب الحلق: أقراص استحلاب، وشاي دافئ بالعسل والليمون، وماء دافئ مع غرغرة ملح
- الحمى: أسيتامينوفين، أو إيبوبروفين، أو أسبرين؛ وهي مسكنات لعلاج الحمى والآلام.
جنبًا إلى جنب مع تناول الأدوية، حافظ على شرب الماء واحصل على قسط من الراحة. قد تريد العودة إلى العمل وحياتك اليومية بأسرع وقت، ولكن جسمك يحتاج إلى وقت للشفاء. لذلك، إلزم بيتك حتى تُشفى، بالإضافة إلى راحتك وصحتك، أنت تريد تجنب نقل العدوى لشخص آخر. وإذا كنت تعاني من حمى، أو أي من الأمراض التي ذكرناها، واستمرت الأعراض أكثر من ثلاثة أيام، فاذهب إلى الطبيب فورًا. وإذا استمرت الأعراض لأكثر من ١٠ أيام أو إذا بدأت في التحسن، ثم مرضت مرة أخرى، فاستشر طبيبك.
الاستخدام الذكي للمضادات الحيوية هو الأفضل لرعايتك وصحتك. اتبع الخطوات والنصائح التي ذكرناها في المقالة لاستخدام المضادات الحيوية بشكل مناسب حتى تتمكن من الحصول على أفضل علاج عندما تكون مريضًا، وحماية نفسك من الأضرار الناجمة عن استخدام المضادات الحيوية غير الضرورية، ومكافحة مقاومة المضادات الحيوية. فاستخدام المضادات الحيوية بشكل مسؤول يضمن لك استمرارهم في العمل عندما تحتاجهم لسنوات قادمة.