لماذا تتعرض أجسامنا للتعرق أثناء النوم؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

إذا كنت قد استيقظت من قبل وأنت غارقًا في العرق، فقد تكون تسائلت: لماذا نتعرق أثناء نومنا؟ وإذا تكرر حدوث ذلك، فقد يكون مرتبطًا بحالات طبية أخرى، وقد يتطلب مزيدًا من التقييم. وعند الأطفال، قد يعني ذلك أشياء مختلفة، وحتى عند النساء اللائي يعانين من انقطاع الطمث. فلكل حالة وسن الأسباب المختلفة التي تساهم في التعرق أثناء النوم. اكتشف معنا خلال هذه المقالة، بعض الأسباب التي تجعلنا نتعرّق أثناء النوم.

درجة حرارة الجسم وبيئة النوم

 

أولًا، السبب الأكثر شيوعًا للتعرق في الليل، هو ارتفاع درجة حرارة الجسم بسبب النوم في غرفة دافئة. إذا كان منظم الحرارة في غرفة نومك مزودًا بالترموستات، أو إذا كنت ترتدي بيجاما صوفية ثقيلة، أو إذا كنت تغطي جسمك بالعديد من البطانيات والألحفة. فمن الطبيعي، أن يصبح جسمك دافئًا جدًا أثناء النوم، وبالتالي تبدأ في التعرق.

 

هناك أيضًا اختلافات طبيعية في درجة حرارة الجسم أثناء النوم. فمعظم الناس تختبر انخفاضًا في درجة حرارة الجسم الأساسية في الصباح. علاوة على ذلك، خلال مراحل معينة من النوم، قد يتم تسريع الجهاز العصبي اللاإرادي (الذي يتحكم في درجة حرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم، وعوامل أخرى) مما يؤدي إلى بعض التعرق. وتتناقص كمية العرق أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، على الرغم من ارتفاع درجة الحرارة في أجزاء عديدة من الدماغ وزيادة التمثيل الغذائي للجلوكوز في الدماغ، ونشاط الجلد الودي، ومعدل ضربات القلب.

 

اضطرابات النوم والتعرق الليلي

 

لا ينبغي أن يكون مفاجئًا أن الاضطرابات التي تؤثر على النوم، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تعرق ليلي في نفس الوقت. من الشائع توقف التنفس أثناء النوم. إذا كنت تواجه صعوبة في التنفس أثناء النوم، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الجهد الذي يبذله جسمك. فمثلًا تخيل كم تتعرق عندما تجري في سباق وتتنفس بصعوبة! يمكن أن تؤدي كل نوبة من حالات انقطاع النفس أيضًا إلى اندفاع الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الطبيعي في الجسم، وذلك لتحفيز الجسم على التنفس بشكل طبيعي. مع العلاج الناجح للضغط الهوائي الإيجابي، والذي يعد علاجًا شائعًا لانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، قد يقل حدوث التعرق الليلي، مما يزيد من جودة النوم واليقظة أثناء النهار.

 

في الأطفال، قد يظهر اضطراب التنفس أثناء النوم في شكل رائحة عرق والنوم المضطرب. قد يستيقظ الطفل بوجه أحمر، ويغمره العرق لدرجة تبلل الأغطية. يجب في هذه الحالة أن يتم عرضه على طبيب، خاصةً في حالة وجود الشخير، وعلامات أخرى لانقطاع التنفس أثناء النوم. يمكن أن يكون التعرق الليلي المصحوب بالأرق مؤشرًا على زيادة خطر الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي.

 

قد يكون لدى النساء ارتفاع في درجة حرارة أجسامهن أثناء النوم، وذلك بسبب فترة انقطاع الطمث التي تؤدي أيضًا إلى ضعف جودة النوم. ومن المثير للاهتمام أن خطر انقطاع النفس الانسدادي النومي يزداد بشكل ملحوظ في هذا الوقت، بسبب فقدان هرموني الاستروجين والبروجسترون. لذلك، قد يحدث التعرق الليلي عند النساء الأكبر سنًا مع انقطاع الطمث نتيجة لانقطاع التنفس أثناء النوم.

 

ويلاحظ بعض الناس أنهم يصبحون أكثر تعرقًا أثناء النوم بعد شرب الكحول. فقد يؤدي إدمان الكحول، على وجه الخصوص، إلى التعرق ليلًا. حيث أن الكحول يُعد مرخ للعضلات، مما قد يؤثر على مجرى الهواء العلوي، ويزيد من الشخير، وتوقف التنفس أثناء النوم. لذلك، قد يرتبط تناول الكحول بالتعرق الليلي من خلال التنفس المضطرب أثناء النوم، مثل انقطاع النفس. وأخيرًا، قد تؤدي الكوابيس، والقلق العام أيضًا إلى نوبات الهلع والتعرق أثناء النوم. 

أسباب طبية أخرى للتعرق أثناء النوم

 

هناك العديد من الأسباب الأخرى للتعرق الليلي التي يجب أخذها في الاعتبار. حيث أن التعرق المزمن في الليل قد يتطلب تقييمًا إضافيًا. إذا كانت لديك أعراض أو علامات أخرى، مثل الحمى وفقدان الوزن، فقد يكون من المهم التحدث مع طبيبك حول الحاجة إلى مزيد من الاختبارات والفحص. تتضمن بعض الأسباب المحتملة الأخرى للتعرق الليلي ما يلي:


 

  • العدوى (بما في ذلك السُل)

 

أكثر من نصف المرضى المصابين بالسل يعانون من التعرق أثناء النوم. البكتيريا المسببة للمرض تتكاثر وتنمو في الرئتين، مؤثرة على عملهما، ومسببة العديد من الأعراض المختلفة، مثل التعرق الليلي.

 

  • الأدوية (مضادات الاكتئاب، والهرمونات البديلة، والأنسولين)

 

هناك العديد من الأدوية التي ترتبط بآثار جانبية مختلفة، مثل التعرق أثناء النوم. إن كنت تعاني من التعرق الليلي بسبب تناول أنواع معينة من الأدوية، من الأفضل استشارة طبيبك لاستبدال هذا الدواء بآخر.

 

  • فرط نشاط الغدة الدرقية

 

التعرق المفرط خلال النوم والحساسية تجاه الحرارة يعدان من أعراض الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية. الغدة الدرقية تعمل على التحكم بعمليات الأيض، لذا عندما تفرز الكثير من الهرمونات، ترتفع درجة حرارة الجسم، وقد تشعر بمزيد من الجوع والعطش أيضًا إلى جانب بعض الأعراض الأخرى.

 

  • مرض السكري

 

إن كنت تعاني من مرض السكري، فقد تكون عرضة لانخفاض مستوى السكر خلال النوم، مما يسبب تعرقك ليلًا. فعندما يصل مستوى الجلوكوز في الجسم إلى ما هو دون الـ 140 ملغم/ديسيليتر قبل النوم، من الضروري تناول وجبة خفيفة لتجنب هبوط السكر خلال النوم.

أحيانًا يكون التعرق أثناء النوم أمرًا طبيعيًا تمامًا، وينتج عن البيئة أو حتى مرحلة النوم. الأهم من ذلك، يمكن أن يرتبط التعرق الليلي باضطرابات النوم، مثل توقف التنفس أثناء النوم والذعر الليلي. وهناك العديد من الأسباب الطبية الأخرى للتعرق الليلي والتي عندما تكون مصحوبة بأعراض أخرى، قد تحتاج إلى مزيد من الاهتمام. إذا كنت قلقًا بشأن التعرق الليلي المتكرر، فتحدث إلى طبيبك حول بعض الأسباب المحتملة للنوم المتعرق، وما إذا كنت بحاجة إلى مزيد من التقييم مع دراسة النوم أو الاختبارات الأخرى.

في الأخبار