
يمكن أن يؤثر التوتر بشكل كبير على قدرتك في الحفاظ على وزن صحي، ويمكن أن يمنعك أيضًا من فقدان الوزن. سواء كان ذلك نتيجة لمستويات عالية من هرمون التوتر، الكورتيزول، أو السلوكيات غير الصحية الناجمة عن التوتر، مثل الإفراط في الأكل، وقلة النوم، ونسيان شرب الماء، فإن العلاقة بين التوتر وزيادة الوزن واضحة. في هذه المقالة، سوف نناقش التأثيرات المحتملة لزيادة هرمون الكورتيزول على الجسم وكيفية تجنب زيادة التوتر والتأقلم معه بطرق صحية.
الرابط بين التوتر والكورتيزول
اكتشف الباحثون منذ فترة طويلة أن ارتفاع هرمون التوتر، الكورتيزول، يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن. في كل مرة تتعرض فيها للتوتر، تفرز الغدد الكظرية الأدرينالين والكورتيزول، ونتيجة لذلك، يتم إطلاق الجلوكوز (المصدر الأساسي للطاقة) في مجرى الدم. يتم كل هذا لمنحك الطاقة التي تحتاجها للهروب من موقف محفوف بالمخاطر (يُعرف ذلك أيضًا باسم الاستجابة للقتال أو الهروب.) ويستمر تأثيره في الجسم مع زوال أثر الخوف لمدة تصل الى حوالى ساعة.
الكورتيزول والسكر
لأن السكر يمد جسمك بالطاقة السريعة التي يعتقد أنه يحتاجها، فغالبًا ما يكون هذا هو أول شيء تلجأ إليه عندما تكون متوترًا. الجانب السلبي لاستهلاك الكثير من السكر هو أن جسمك يميل إلى تخزين هذا السكر، خاصةً بعد المواقف العصيبة. يتم تخزين هذه الطاقة بشكل أساسي على شكل دهون البطن، والتي يصعب التخلص منها بشكل خاص. وهكذا تبدأ الحلقة المفرغة: الشعور بالتوتر، وإطلاق الكورتيزول، وزيادة الوزن، والاشتياق إلى المزيد من السكر، وتناول المزيد من السكر، وزيادة الوزن.
الكورتيزول والتمثيل الغذائي
حتى إذا كنت لا تتناول أطعمة غنية بالدهون والسكر، فإن الكورتيزول يبطئ عملية الأيض، مما يجعل من الصعب إنقاص الوزن. في عام ٢٠١٥، أجرى باحثون من جامعة ولاية أوهايو مقابلات مع نساء حول التوتر الذي تعرضن له في اليوم السابق قبل إطعامهن وجبة عالية الدهون والسعرات الحرارية. بعد الانتهاء من الوجبة، قام العلماء بقياس معدلات التمثيل الغذائي لدى النساء (المعدل الذي يحرقون به السعرات الحرارية والدهون) وفحصوا مستويات السكر في الدم، والكوليسترول، والأنسولين، والكورتيزول.
وجد الباحثون أن النساء اللواتي أبلغن عن ضغوطات واحدة أو أكثر خلال الـ ٢٤ ساعة السابقة، أحرقن ١٠٤ سعرات حرارية أقل من النساء الذين لا يشعرون بالتوتر، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن بمقدار ١١ رطلاً في عام واحد. كما أن النساء الذين لديهم مستوى عالي من التوتر، لديهم مستويات أعلى من الأنسولين عن غيرهم، وهو هرمون يساهم في تخزين الدهون.
العادات غير الصحية التي يسببها التوتر
بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية المرتبطة بالتوتر، يمكن أن يدفعك التوتر أيضًا إلى الانخراط في السلوكيات غير الصحية التالية، والتي يمكن أن تؤدي جميعها إلى زيادة الوزن:
- الإفراط في الأكل: زيادة مستويات الكورتيزول لا تجعلك تشتهي الأطعمة غير الصحية فحسب، ولكن الطاقة العصبية الزائدة يمكن أن تتسبب في كثير من الأحيان في أن تأكل أكثر مما تفعل في العادة.
- تناول الوجبات السريعة: عندما تشعر بالتوتر، فإنك تميل إلى تناول أول شيء تراه أو ما هو متاح بسهولة، وهي ليست دائمًا خيارات صحية. من المرجح أيضًا أن تطلب طعامًا من مكان للوجبات السريعة، بدلاً من قضاء الوقت والطاقة العقلية لطهي وجبة متوازنة وصحية.
- ممارسة الرياضة بشكل أقل: مع كل المتطلبات والمسئوليات في حياتك، قد تكون ممارسة الرياضة واحدة من آخر الأشياء في قائمة مهامك. حيث يمكن أن يؤدي التنقل المستمر أو الساعات التي تقضيها جالسًا خلف المكتب إلى ترك فرصة ضئيلة للنشاط البدني.
- تخطي الوجبات: قد تجد نفسك تتخطى وجبة الإفطار لأنك متأخرًا على شيء ما، أو لا تأكل الغداء لأن هناك الكثير تحتاج إلى الانتهاء منه.
- قلة النوم: يُبلغ الكثير من الناس عن معاناتهم من مشاكل في النوم عندما يشعرون بالتوتر. وقد ربطت الأبحاث بين الحرمان من النوم والأيض البطيء. يمكن أن يؤدي الشعور بالإرهاق أيضًا إلى تقليل قوة الإرادة والمساهمة في عادات الأكل غير الصحية.
كيفية كسر دورة التوتر وزيادة الوزن
عندما تشعر بالتوتر، من المحتمل أن تتراجع عن القيام بالسلوكيات الصحية، مثل تناول الطعام بشكل صحيح وممارسة الرياضة بانتظام. لكن يمكن أن يساعد الحفاظ على جدول أو روتين محدد في جعل هذه السلوكيات الصحية عادة، وأن تكافح تغييرات الوزن المرتبطة بالتوتر. إليك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك على كسر دائرة التوتر وزيادة الوزن:
- اجعل التمرين أولوية: التمرين هو عنصر حاسم في تقليل التوتر وإدارة الوزن، ويمكن أن يساعدك في معالجة كلتا المشكلتين في وقت واحد، لذلك فهو ضروري لدرء زيادة الوزن المرتبطة بالتوتر. سواء كنت تمشي أثناء استراحة الغداء، أو تذهب إلى صالة الألعاب الرياضية بعد العمل، قم بدمج التمارين المنتظمة في روتينك.
- تناول الأطعمة الصحية: لست بحاجة إلى الكربوهيدرات، أو الدهون، أو السكريات لتشعر بتحسن. وجدت إحدى الدراسات القليلة التي تختبر فعالية الأطعمة المريحة في تحسين الحالة المزاجية، أن تناول أطعمة مريحة صحية نسبيًا، مثل الفشار أو الزبادي المثلج، من المرجح أن تحسن من المزاج السيء.
- مارس عادة الأكل اليقظ: قد يساعد التركيز على ما تأكله - بدون مشتتات - على تقليل التوتر وتعزيز فقدان الوزن. وجدت إحدى الدراسات أن النساء البدينات اللاتي يعانون من التوتر وتدربن على الأكل اليقظ والتغذية الصحية، كانوا أكثر قدرة على تجنب الأكل العاطفي، وكان لديهن مستويات أقل من التوتر، مما أدى إلى انخفاض دهون البطن بمرور الوقت. المرة القادمة التي تتناول فيها الطعام، حاول الاستمتاع به دون تشتيت من الهاتف أو التلفزيون.
- احتفظ بمفكرة طعام: يمكن أن يساعدك الانتباه لعاداتك الغذائية على التحكم في استهلاكك للطعام. وجدت مراجعة أجريت عام ٢٠١١ للدراسات التي فحصت الصلة بين المراقبة الذاتية وفقدان الوزن، أن أولئك الذين احتفظوا بمفكرة لتسجيل ما يأكلونه يوميًا، كانوا أكثر عرضة للتحكم في وزنهم من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك. لذلك سواء كنت تستخدم تطبيقًا لتتبع طعامك أو تكتب كل شيء في مفكرة خاصة بالطعام، فكونك أكثر وعيًا بما تضعه في فمك يمكن أن يحسن عاداتك الغذائية.
- اشرب المزيد من الماء: من السهل الخلط بين العطش والجوع، مما قد يؤدي بك إلى تناول سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه جسمك وزيادة الوزن. من الأسهل بكثير تحديد الشعور بالجوع عن طريق شرب الماء عند العطش، لذلك، إذا مرت ساعتان فقط على تناول الطعام وشعرت بالجوع، فحاول شرب بعض الماء أولاً. إذا كنت لا تزال تشعر بالجوع، تناول وجبة خفيفة وصحية.
- ادمج استراتيجيات لتخفيف التوتر في حياتك اليومية: سواء كنت تستمتع باليوغا، أو تجد العزاء في قراءة كتاب جيد، حاول إضافة بعض العادات البسيطة إلى روتينك اليومي مثل، أخذ نفس عميق، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو المشي. يمكن أن يؤدي القيام بذلك إلى تقليل مستويات الكورتيزول لديك، مما يساعدك على إدارة وزنك.

إذا كان التوتر المزمن أو زيادة الوزن المرتبطة بالتوتر يسببان لك الشعور بالضيق، أو يجعلانك غير قادر على تحمل المسؤوليات اليومية، ويدفعونك للجوء إلى عادات غير صحية، فقد يكون الوقت قد حان للعلاج على يد متخصص نفسي. يمكن أن يكون العلاج النفسي، ولا سيما العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، مفيدًا جدًا في تعليم مهارات التأقلم لإدارة التوتر والوزن بشكل أفضل، وتطوير عادات تكيُف صحية، وترك العادات المضرة بالصحة.