ما هي الآثار طويلة المدى بعد التعافي من كوفيد-١٩؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة


يتعافى معظم الأشخاص الذين يصابون بمرض فيروس كورونا في غضون ٦-٢ أسابيع، ولكن يعاني البعض من أعراض دائمة بعض الشفاء. وقد يصاب الآخرون المصابون بـ كوفيد-١٩ الحاد بمضاعفات أو قد يحتاجون إلى إعادة التأهيل بعد الإقامة في المستشفى. بالإضافة إلى التأثير الجسدي لـ كوفيد-١٩، قد يعاني بعض الأشخاص أيضًا من تغيرات دائمة لفترة طويلة في صحتهم العقلية بعد التعافي من الفيروس. في هذه المقالة، سوف نناقش بعض الآثار طويلة المدى والقصيرة المدى لـ كوفيد-١٩ على الصحة البدنية والعقلية للمتعافين.  


الآثار طويلة المدى عند الحالات الشديدة


افترض الباحثون أن الفيروس المسؤول عن كوفيد-١٩ (SARS-CoV-2) قد يتسبب في تأثيرات مشابهة لفيروسات كورونا الأخرى، مثل تلك التي تسبب متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الشديدة (ميرس). وفقًا لدراسة أجريت عام ٢٠٢٠، فإن حوالي ٣٠٪؜ من الأشخاص الذين تعافوا من السارس أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الشديدة، يعانون من تشوهات طويلة الأمد في الرئة. ووجدت دراسة أجريت عام ٢٠٠٩ أن ٤٠٪ من الأشخاص الذين نجوا من السارس ما زالوا يعانون من التعب المزمن بعد حوالي ٣.٥ سنوات، في المتوسط.


ولكن في حين أن السارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، و كوفيد-١٩، سببها فيروسات من نفس العائلة، فهناك اختلافات رئيسية بينهم، كما توضح دراسة تمت في ٢٠٢٠.  لهذا السبب، فإن النظر إلى المرضين الآخرين لا يوفر طريقة موثوقة ١٠٠٪؜ للتنبؤ بآثار كوفيد-١٩، طويلة المدى، ومازال البحث في تأثير كوفيد-١٩ مستمر. 


الآثار بعد التعافي من الحالات الخفيفة أو المتوسطة 


يعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بـ كوفيد-١٩ من أعراض خفيفة أو متوسطة تتحسن من تلقاء نفسها.  ومع ذلك، فإن بعض هؤلاء الأشخاص تظهر عليهم أعراض دائمة يمكن أن تكون شديدة - حتى بعد تعافيهم من العدوى الأولية. غالبًا ما يعاني الأشخاص المتعافون من بفيروس كوفيد-١٩ الخفيف أو المعتدل من:


  • التعب الشديد
  •  ضعف العضلات
  •  حمى منخفضة الدرجة
  • صعوبة في التركيز
  • مشاكل في الذاكرة
  • تغيرات في المزاج
  • مشكلة في النوم
  • الصداع
  • إحساس بالوخز في الجسم
  • إسهال
  • تقيؤ
  • فقدان حاسة التذوق والشم
  • التهاب الحلق
  • صعوبات في البلع
  • طفح جلدي
  • ضيق في التنفس
  • ألم صدر
  • خفقان القلب
  • ارتفاع ضغط الدم

قد تستمر هذه الأعراض لأسابيع أو شهور بعد أن يتخلص الجسم من الفيروس. إن أي شخص، بما في ذلك الشباب وأولئك الذين ليس لديهم ظروف صحية سابقة، يمكن أن يصابوا بفيروس كورونا لفترة طويلة. ولاحظت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن ٢٠٪؜ من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين ١٨ و ٣٤ عامًا أبلغوا عن أعراض مطولة.


الآثار بعد التعافي من الحالات الشديدة


يعاني حوالي ١٠-١٥٪؜ من الأشخاص الذين يصابون بـ كوفيد-١٩ من أعراض حادة، ويصاب حوالي ٥٪؜ بأمراض خطيرة. يمكن للأشخاص الذين يعانون من أعراض حادة أيضًا أن يعانوا من كوفيد-١٩ لفترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الأشخاص الذين يعانون من شكل أكثر خطورة من المرض أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات. كما تشير منظمة الصحة العالمية، يمكن أن تنطوي المضاعفات على أضرار في:


  • الرئتين: وجدت دراسة أُجريت في أغسطس ٢٠٢٠ أن الأشخاص المصابين بـ كوفيد-١٩ الحاد غالبًا ما يخرجون من المستشفى وتظهر عليهم علامات التليف الرئوي. وعند بعض الناس، يمكن أن يسبب صعوبات في التنفس على المدى الطويل.


  • القلب: وفقًا لمراجعة تمت يونيو ٢٠٢٠، فإن ٣٠-٢٠٪؜ من الأشخاص الذين تم نقلهم إلى المستشفى جراء إصابتهم بـ كوفيد-١٩، لديهم علامات على أن المرض قد أثر على عضلة القلب. يتكهن الباحثون أن لدى بعض الأشخاص، قد يتسبب كوفيد-١٩ أيضًا في التهاب عضلة القلب.


  • الجهاز العصبي: وجدت دراسة أجريت في أبريل ٢٠٢٠ على ٢١٤ مشاركًا أن الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد-١٩ الحاد كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في الأعصاب، مثل الدوار، وآلام الأعصاب، وضعف الوعي، وقلة التركيز. 

لذلك، يحتاج الأشخاص الذين يغادرون المستشفى بعد الإصابة بـ كوفيد-١٩ إلى الدعم المستمر وإعادة التأهيل لمساعدتهم على التعافي.


الآثار طويلة المدى على الصحة النفسية


أثرت جائحة كوفيد-١٩ على الصحة العقلية على نطاق واسع. وفقًا لمراجعة تمت في أغسطس ٢٠٢٠، شعر الكثير من الناس بزيادة التوتر، والقلق، والاكتئاب، واضطرابات النوم بسبب الوباء. تشمل بعض العوامل التي ساهمت في صعوبات الصحة العقلية أثناء الوباء ما يلي:


  • العزلة والشعور بالوحدة
  • البطالة
  • الصراعات المالية
  • المرض الشديد أو المزمن
  • زيادة حِدة الأمراض العقلية أو البدنية الموجودة مسبقًا
  • الحزن والقلق الشديد

يمكن أن تستمر تلك التأثيرات لفترة طويلة، خاصةً إذا كان الشخص يعاني من ضائقة شديدة أو مستمرة. هذا يمكن أن يسبب صدمة نفسية أو اضطراب ما بعد الصدمة. تُظهر الأبحاث أيضًا أن بعض الأشخاص يمكن أن يتعرضوا لضغط شديد أثناء استخدام جهاز التنفس الصناعي بسبب اعتمادهم عليه. يصاب بعض الأشخاص أيضًا باضطرابات اكتئابية بعد العلاج باستخدام جهاز التنفس الصناعي.


هل يمكن أن يسبب مرض كوفيد-١٩ متلازمة التعب المزمن؟


أبلغ العديد من الأشخاص الذين يعانون من أعراض مستدامة لـ كوفيد-١٩ عن نوبات من التعب الشديد، وأعرب البعض عن قلقهم من أن كوفيد-١٩ قد يسبب متلازمة التعب المزمن (CFS). إن متلازمة التعب المزمن هي حالة طويلة الأمد يمكن أن تتبع أي مرض فيروسي، مما يسبب أعراضًا مثل:


  • التعب الجسدي الشديد
  • التعب العقلي، والذي يسمى أحيانًا "ضباب الدماغ"
  • صعوبة النوم
  • الألم العضلي
  • أعراض جسدية تزداد سوءًا بعد التمرين، وتسمى بالضيق ما بعد الجهد


يعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بـ كوفيد-١٩ من أعراض خفيفة ويتعافون دون علاج. ومع ذلك، نظرًا لأن SARS-CoV-2 هو فيروس جديد، لا يزال العلماء يبحثون في الآثار طويلة المدى للمرض. في الوقت الحالي، يعرف الأطباء أن كوفيد-١٩ يمكن أن يسبب أعراضًا دائمة، ويطلق البعض على هذه المشكلة اسم كوفيد-١٩ الطويل أو متلازمة ما بعد كوفيد-١٩. فعندما يكون مرض كوفيد-١٩ شديدًا، يمكن أن يتسبب في تلف دائم للأعضاء. ويمكن أن تكون هذه التجارب وغيرها من التجارب المتعلقة بالوباء مؤلمة وتؤثر على صحة الشخص العقلية. مع قيام العلماء بجمع المزيد من البيانات، يصبحون مجهزين بشكل أفضل للعثور على العلاجات الفعالة والاستراتيجيات الصحيحة لإدارة الفيروس.

 

في الأخبار