ما هو العلم وراء فاعلية أقنعة الوجه؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

يواصل مركز السيطرة على الأمراض تقديم المشورة لارتداء أقنعة الوجه لمنع انتشار وباء كورونا. حيث تعمل الأقنعة عن طريق إنشاء حاجز مادي أمام انتشار الرذاذ التنفسي المحتوي على الفيروسات. وهناك العديد من الأدلة التي تدعم فعاليتها، ومنها دورها في السيطرة على انتشار وباء كورونا.


 في 14 يوليو 2020، قال مدير مركز السيطرة على الأمراض الدكتور "روبرت ريدفيلد" في بيان صحفي: "أغطية الوجه القماشية هي واحدة من أقوى الأسلحة التي نستطيع من خلالها إبطاء ووقف انتشار الفيروس" . في حين قوبلت هذه التوصيات ببعض الشكوك بين الناس، لا تزال الأدلة العلمية تظهر أن الأقنعة تعمل بشكل فعّال.

 

لماذا تُعد أقنعة الوجه فعّالة؟

 

يُعتقد أن انتقال الفيروس التاجي يحدث من خلال الرذاذ التنفسي الذي يتم إطلاقه عندما يتحدث الناس أو يعطسون. وفقًا للدكتور "ميلان هان"، أستاذ الطب في قسم الرعاية الرئوية والرعاية الحرجة في جامعة ميشيغان: إذا سقطت هذه القطرات في فم أو أنف الأشخاص القريبين، أو تم استنشاقها في الرئتين، يمكن أن يصاب الشخص بالفيروس. بينما تقوم الأقنعة بخلق حاجزًا ماديًا يمسك بهذه القطرات ويمنعها من الانتشار في الهواء المحيط كما تفعل عادةً. وأضاف "هان": أن الأقنعة أصبحت أكثر أهمية لأن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يصابون بالفيروس التاجي إما لا تظهر عليهم الأعراض، أو أن هناك فترة تأخير قبل ظهور الأعراض. ومع ذلك، تظهر الدراسات أن هؤلاء الأشخاص ما زالوا قادرين على نقل الفيروس إلى الأشخاص من حولهم. كما أن البيانات تشير إلى أن استخدام أغطية الوجه يمكن أن يساعد في الحد من انتشار المرض من قبل هؤلاء الأفراد الذين لا يعانون من أعراض.

 

الأدلة التي تدعم فاعلية أقنعة الوجه

 

في عدد 14 يوليو 2020 من مجلة "الجمعية الطبية الأمريكية"، قال مؤلفو مقال تحريري: "حان الوقت الآن لارتداء القناع بشكل عالمي". ودعمًا لرأيهم، أشاروا إلى دراستيّ حالة تم نشرهما في نفس اليوم. أظهرت الدراسة الأولى أن سياسة ارتداء القناع الشاملة في نظام مستشفى بوسطن قللت من انتقال فيروس الكورونا. حيث أنه قبل اتباع سياسة القناع، كانت الحالات الجديدة بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين لديهم اتصال مباشر أو غير مباشر مع المريض تتزايد بشكل كبير. وبعد ارتداء الأقنعة ظهر أن نسبة العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين ظهرت عليهم الأعراض والذين ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا انخفضت بشكل مطرد، وذلك وفقًا للتقرير. 

 

وأظهر الدراسة الثانية الصادرة عن "مركز السيطرة على الأمراض"، أن ارتداء القناع قد منع اثنين من مصففي الشعر في ميزوري من نشر المرض إلى عملائهم. حيث استمر كلا المصممين في رؤية العملاء لعدة أيام بعد ظهور الأعراض، لكنهما ارتدا أقنعة الوجه وفقًا لمرسوم الحكومة المحلية. كما ارتدى 98% من عملائهم الأقنعة أيضًا. من بين 139 عميلًا رآهم المصممون قبل تشخيصهم، لم تظهر عليهم أعراض فيروس كورونا خلال فترة المتابعة. بالإضافة إلى ذلك، من بين 67 عميلًا وافقوا على الخضوع للاختبار، لم يكن أي منهم إيجابيًا للفيروس.

 

الرد على المشككين

 

على الرغم من الأدلة العلمية التي تدعم ارتداء الأقنعة، فقد أعرب العديد من الأمريكيين عن اعتراضهم على استخدامها. ولقد تم سؤال الدكتورة "فينيشا أمين"، طبيبة في جامعة ميريلاند أبر تشيسابيك هيلث، لمواجهة بعض المخاوف التي يتم طرحها بشكل متكرر والأساطير المضللة التي يتم نشرها حاليًا.

 

1- الأقنعة لا تعمل

 

تقول دكتورة "فينيشا أمين": "دعونا نتخلص من تلك الأسطورة! الأقنعة مفيدة وفعّالة في حمايتك أنت وأحبائك من الفيروس". وأضافت: "هناك عدد كبير من البيانات والأبحاث العلمية للمساعدة في ترسيخ هذه الحقيقة. في العالم العلمي، يحظى الطب القائم على الأدلة بالأولوية ويجب أن نضع الثقة في أطبائنا ومجتمعنا العلمي عندما يقدمون مثل هذه التوصيات؛ نظرًا لأنها من أجل سلامتك الطبية وسلامة أحبائك".

 

2- الأقنعة غير مريحة للارتداء

 

قالت "فينيشا أمين": "هذا يعني أنك جربت قناعًا واحدًا فقط وتخليت بسرعة عن العثور على قناع يعمل بشكل جيد". ونصحت: "نعم، قد تزيد الأقنعة من الرطوبة، ولكن في هذه الحالة ارتدِ قناعًا مصنوعًا من القطن وهو مادة تسمح بمرور الهواء أكثر من البوليستر".

 

وأضافت: "نعم، قد تؤذي أذنيك. وفي هذه الحالة، ابحث عن قناع حيث يكون الشريط المطاطي الذي يلتف حول الأذن مغطى بقطعة قماش أو شريط مطاطي أكثر نعومة لا يسبب تهيج بشرتك".

 

3- القلق من تراكم ثاني أكسيد الكربون وتعرُضك للمرض

 

تقول "أمين": "لا يوجد أي منطق علمي يدعم الادعاء بوجود تراكم لثاني أكسيد الكربون بسبب الأقنعة. يستخدم المتخصصون في الرعاية الصحية، مثل أطبائنا وجراحينا أقنعة أكثر احكاما لعقود من الزمن، ومع ذلك ما زالوا قادرين على التنفس من خلالها". وتابعت: "تسمح الأقنعة للأكسجين بالاختراق بنفس سهولة اختراق ثاني أكسيد الكربون".

 

4- تخيّل أنك لست في خطر كبير

 

اعترفت دكتورة "فينيشا أمين": بأن أكثر الناس ضعفًا هم أولئك الذين يعانون من حالات مرضية أو أولئك الذين يعانون من نقص المناعة. ومع ذلك، أشارت إلى أنه: "على الرغم من أنك قد تكون بصحة جيدة ولياقة بدنية جيدة، فقد لا تدرك حتى أنك قد أصبت بالفيروس ويمكن أن تقوم بنقل العدوى الفيروسية إلى أحبائك الضعفاء صحيًا في المنزل. حيث أننا جميعًا نعتمد على بعضنا البعض من أجل صحتنا الشخصية وصحتنا كمجتمع".

 


هناك أدلة متزايدة على أن أقنعة الوجه تعمل في منع انتشار فيروس كورونا. حيث تعمل الأقنعة بطريقة بسيطة جدًا، وذلك من خلال حمايتنا من القطرات المحتوية على فيروسات التي نبعثها عندما نتحدث، أو نسعل، أو نعطس. وعلى الرغم من أن المبدأ الكامن وراء الأقنعة بسيط، إلا أنها جزء مهم جدًا في احتواء المرض. ويقول الخبراء إنهم يعملون بشكل أفضل عندما نتعاون جميعًا ونرتديهم.

في الأخبار