يقوي النشاط البدني عضلات وعظام الأطفال، ويمنع زيادة الوزن المفرطة، ويقلل من خطر الإصابة بمرض السكري والسرطان وغيرها من الحالات. كما أنه مفيد أيضًا للصحة العقلية للطفل. يقول الخبراء إن النشاط البدني يسمح للأطفال بالحصول على نظرة أفضل للحياة من خلال بناء الثقة، وإدارة القلق والاكتئاب، وزيادة احترام الذات، والمهارات المعرفية. قالت لين سوندرز، معلمة الصحة البدنية ومؤلفة كتاب "الحفاظ على لياقة الأطفال": "تطلق التمارين أيضًا الإندورفين الذي يؤدي إلى شعور الأطفال بالسعادة."
فوائد التمارين
أثبتت إحدى الدراسات أن النشاط البدني المعتدل إلى القوي للأطفال من عمر ٦ إلى ٨ سنوات، يرتبط بأعراض أقل للاكتئاب. وأوضحت أيضًا أن التمارين الرياضية تحسن الحالة المزاجية والسلوك لدى الأطفال وتقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. إليكم بعض فوائد ممارسة التمارين للأطفال:
1- تحسّن السلوك والحالة المزاجية
أثبت الباحثون أن التمارين الهوائية يمكن أن تساعد في تحسين الحالة المزاجية والسلوك لدى الأطفال والبالغين. على سبيل المثال، يمكن للتمارين الهوائية أن تغير كيمياء المخ، وتحديدًا مستويات بعض الناقلات العصبية التي قد تساعد في تحسين التنظيم الذاتي للفرد. عندما يتحسن المزاج والتنظيم الذاتي - تزيد القدرة على التحكم في السلوك. لذلك، الأطفال الذين يعانون من تحديات صحية سلوكية يستفيدون من التمارين الرياضية - ليس فقط جسديًا، ولكن عقليًا. لهذا السبب، من المهم ألا نتوقف عن تشجيع أطفالنا على الحركة المستمرة.
2- تحارب الاكتئاب والقلق
ركزت دراسات أخرى على النشاط البدني، والسلوك المستقر، وأعراض الاكتئاب الشديد في منتصف الطفولة، وتشير هذه الدراسة إلى أن زيادة النشاط البدني المعتدل والقوي للأطفال قد يمنع ظهور أعراض الاكتئاب اللاحقة. وأضاف توني زاهل، حاصل على ماجستير في العلوم من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا: "إن النشاط البدني، وخاصةً النشاط البدني المعتدل إلى القوي، له تأثير إيجابي على تقليل أعراض الاكتئاب المستقبلية في مرحلة الطفولة المتوسطة، بالإضافة إلى ذلك، قد تكون زيادة النشاط البدني بمثابة طريقة تكميلية في علاج الاكتئاب في مرحلة الطفولة."
وبالتالي، فإن زيادة النشاط البدني قد تكون بمثابة عنصر مساعد للعلاجات الدوائية أو النفسية. حيث أن للتمرينات تأثير إيجابي على الأطفال لجعلهم أصحاء عقليًا من خلال إطلاق مواد كيميائية في المخ تبعث على الشعور بالسعادة والتي بدورها، قد تخفف من الاكتئاب. تؤمن الدكتورة كريستينا هيبرت، أخصائية علم النفس الإكلينيكي، ومؤلفة كتاب "٨ مفاتيح للصحة العقلية من خلال التمرين،" بالنشاط البدني كوسيلة للعلاج، حيث أن التمرين ساعدها على التغلب على الاكتئاب والقلق.
وتقول هيبرت: "لقد استخدمت شخصيًا تمارين القلب والأوعية الدموية لمساعدتي في التغلب على صراعي مع الاكتئاب، وقد ساعدتني تمارين القوة وتمارين المرونة في التغلب على القلق. فالخروج من المنزل، والتمرين في الشمس، وتحريك جسدي؛ كلها عوامل كان لها تأثير عميق على مزاجي، وبدأت أرى أنه كان أمرًا أساسيًا في مساعدتي على الشعور بأنني أقوى عاطفيًا وعقليًا وأكثر صحة."
3- تؤثر على حالات الصحة العقلية الأخرى
بصفتها طبيبة نفسية، تُعلّم هيبرت عملائها كيفية استخدام النشاط البدني، ليس فقط للوقاية من الأمراض الجسدية، ولكن أيضًا للمساعدة في علاج الحالات النفسية والعقلية الأخرى، بما في ذلك الحزن، والحالات المزاجية السيئة، وحتى مشاكل العلاقات والأسرة. وتقول هيبرت: "أنا مؤمنة بقوة العلاقة بين العقل، والجسد، والروح. فالنشاط البدني هو أحد أفضل الأشياء التي يمكننا القيام بها لتخفيف آثار معظم حالات الصحة العقلية، بما في ذلك الاضطراب ثنائي القطب وانفصام الشخصية." وأضافت: "على الرغم من أن الالتزام ببرنامج التمرين قد يكون أكثر صعوبة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من حالات الصحة العقلية إلا أنهم إذا تمكنوا من تعلّم المهارات العقلية والالتزام بالعلاج، فإن التمارين المنتظمة يمكن أن تكون واحدة من أقوى الإضافات للعلاج."
فعندما نحرك أجسادنا، نحرك أيضًا أذهاننا، فنحن نقوم باستخدام الطاقة العقلية الزائدة التي قد تؤدي إلى مشاكل سلوكية واضطراب، ونحولها إلى نشاط بدني صحي. فالتمرين لا يوفر فقط الطاقة الصحية الهادئة التي نحتاجها من أجل السلوك الأمثل، بل يتيح لنا أيضًا الفرصة للتخلص من الطاقة النفسية المُجهدة والقلق اللذان قد يتداخلان مع الحياة اليومية. يمكن أن يكون للنشاط وتحريك أجسامنا يوميًا فوائد مذهلة للصحة العقلية مثل الوضوح العقلي، والطاقة، والتركيز، والإبداع، والبصيرة، وما إلى ذلك، في سنوات الطفولة، والمراهقة، وعند البالغين.
4- تطور قدرتهم على التحمل
تتطور القدرة على التحمل عندما يمارس الأطفال نشاطًا هوائيًا بانتظام. فأثناء التمارين الهوائية، تتحرك العضلات الكبيرة، وينبض القلب بشكل أسرع، ويتنفس الشخص بصعوبة. لذلك، يقوي النشاط الهوائي القلب ويحسن قدرة الجسم على إيصال الأكسجين إلى جميع خلاياه. ويمكن أن تكون التمارين الهوائية ممتعة لكل من البالغين والأطفال. تشمل الأنشطة الهوائية:
- كرة السلة
- ركوب الدراجات
- التزلج على الجليد
- كرة القدم
- السباحة
- التنس
- المشي
- الركض
ولا يجب أن يعني تحسين قوة العضلات والجسد أن يقوم الأطفال برفع الأثقال. بدلاً من ذلك، يمكن للأطفال القيام بتمارين الضغط، وتمارين البطن، وتمارين أخرى للمساعدة في تقوية العضلات. كما أنهم يحسنون قوتهم عند القيام بالتسلق، أو الوقوف على اليدين، أو المصارعة.
النشاط البدني عند الأطفال مهم لمجموعة متنوعة من الأسباب. فهو يساعد على تقليل الوزن الزائد والسمنة، ويزيد من قوة العضلات والعظام، ويمكنه أيضًا تحسين التركيز في المدرسة. تعتبر ممارسة الرياضة عنصرًا حيويًا في نمو أي طفل. ويتفق العديد من الأطباء أنه كلما بدأنا في ممارسة الرياضة ونحن أصغر سنًا، كلّما أصبحنا في حالة جسدية، وعقلية، ونفسية أفضل. لكن مهما كان عمرك، لم يفت الأوان أبدًا للبدء. كما أنه من الأفضل أن يشارك الآباء في الأنشطة البدنية مع أطفالهم، حيث سيكون لهذا دورًا مهمًا في نمو الأطفال وتطورهم. فعندما يكون الآباء نموذجًا يُحتذى به، لن يساعد ذلك الأطفال فقط في الحفاظ على لياقتهم البدنية، ولكن أيضًا يؤدي إلى نموهم عقليًا وتقوية الروابط العائلية.