كيف تتغير احتياجاتك الغذائية مع تقدمك بالعمر؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

يصبح الأكل الصحي مهمًا بشكل خاص مع تقدمك في العمر؛ وذلك لأن الشيخوخة مرتبطة بمجموعة متنوعة من التغييرات، بما في ذلك نقص المغذيات، وانخفاض نوعية الحياة، والنتائج الصحية السيئة. لحسن الحظ، هناك أشياء يمكنك القيام بها للمساعدة في منع أوجه القصور والتغيرات الأخرى المرتبطة بالعمر. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد تناول الأطعمة الغنية بالمغذيات وتناول المكملات المناسبة في الحفاظ على صحتك مع تقدمك في العمر. سوف نشرح في هذه المقالة كيف تتغير احتياجاتك الغذائية مع تقدمك في العمر بالإضافة إلى كيفية تلبيتها.

كيف تؤثر الشيخوخة على احتياجاتك الغذائية؟


ترتبط الشيخوخة بمجموعة متنوعة من التغيرات في الجسم، بما في ذلك فقدان العضلات، والجلد الرقيق، وحمض المعدة الأقل. يمكن لبعض هذه التغييرات أن تجعلك عُرضة لنقص المغذيات، في حين أن البعض الآخر يمكن أن يؤثر على حواسك وطبيعة حياتك. على سبيل المثال، قدرت الدراسات أن 20% من كبار السن يعانون من التهاب المعدة الضموري (وهي حالة يؤدي فيها الالتهاب المزمن في المعدة إلى إتلاف الخلايا التي تنتج حمض المعدة).


يمكن أن يؤثر انخفاض حمض المعدة على امتصاص العناصر الغذائية، مثل فيتامين ب 12، والكالسيوم، والحديد، والمغنيسيوم. التحدي الآخر للشيخوخة هو انخفاض الحاجة إلى السعرات الحرارية. حيث يحتاج كبار السن إلى الحصول على نفس القدر، إن لم يكن أكثر، من بعض العناصر الغذائية، وذلك مع تناول سعرات حرارية أقل. لحسن الحظ، يمكن موازنة المعادلة من خلال تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الكاملة وتناول المكملات الغذائية لتلبية احتياجاتك الغذائية.


هناك مشكلة أخرى قد يواجهها الأشخاص مع تقدمهم في العمر، وهي انخفاض قدرة الجسم على التعرف على الحواس الحيوية، مثل الجوع والعطش. قد يجعلك هذا عرضة للجفاف وفقدان الوزن غير المتعمد. وكلما تقدمت في السن، قد تكون هذه العواقب أقسى.


تحتاج إلى سعرات حرارية أقل، ولكن المزيد من العناصر الغذائية


يجب أن تعتمد السعرات الحرارية اليومية للشخص على الطول، والوزن، وكتلة العضلات، ومستوى النشاط، والعديد من العوامل الأخرى. قد يحتاج كبار السن إلى سعرات حرارية أقل للحفاظ على وزنهم؛ لأنهم يميلون إلى الحركة وممارسة الرياضة بشكل أقل. إذا واصلت تناول نفس العدد من السعرات الحرارية يوميًا كما كنت تفعل عندما كنت أصغر سنًا، سوف تكتسب بسهولة مزيد من الدهون، خاصةً حول منطقة البطن. هذا يحدث بشكل خاص في النساء بعد انقطاع الطمث، حيث أن الانخفاض في مستويات هرمون الاستروجين خلال هذا الوقت قد يعزز تخزين الدهون في البطن. ومع ذلك، على الرغم من أن كبار السن يحتاجون إلى سعرات حرارية أقل، فإنهم يحتاجون إلى مستويات عالية من بعض العناصر الغذائية وذلك مقارنة بالأصغر سنًا. هذا يجعل من المهم جدًا لكبار السن تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الكاملة، مثل الفواكه، والخضروات، والأسماك، واللحوم الخالية من الدهون. يمكن أن تساعدك هذه المواد الغذائية الصحية على محاربة نقص العناصر الغذائية، دون زيادة نسبة الدهون في محيط الخصر لديك.


يمكنك الاستفادة من تناول المزيد من البروتين


من الشائع أن تفقد العضلات والقوة مع تقدمك في العمر. حيث يفقد البالغ العادي 3-8% من كتلة عضلاته كل عقد بعد سن الثلاثين. تُعرف هذه الخسارة في كتلة العضلات وقوتها باسم "ساركوبينيا". إنه سبب رئيسي للضعف، والكسور، وسوء الحالة الصحية بين كبار السن. يمكن أن يساعد تناول المزيد من البروتين جسمك في الحفاظ على العضلات ومحاربة ساركوبينيا.


تابعت إحدى الدراسات 2066 من كبار السن على مدى ثلاث سنوات. ووجدت الدراسة أن أولئك الذين تناولوا أكبر قدر من البروتين يوميًا فقدوا كتلة عضلية أقل بنسبة 40% من الأشخاص الذين تناولوا كميات أقل من البروتين. كما وجدت مراجعة لعشرين دراسة حديثة أجريت على كبار السن أن تناول المزيد من البروتين أو تناول مكملات البروتين قد يبطئ من معدل فقدان العضلات، ويزيد من كتلة العضلات، ويساعد في بناء المزيد من العضلات.


يمكنك الاستفادة من تناول المزيد من الألياف


الإمساك مشكلة صحية شائعة بين كبار السن. إنه شائع بشكل خاص بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. كما أنه أكثر شيوعًا مرتين إلى ثلاث مرات عند النساء. وذلك لأن الأشخاص في هذا العمر يميلون إلى التحرك بشكل أقل ويكونون أكثر عرضة لتناول الأدوية التي تسبب الإمساك كأثر جانبي. قد يساعد تناول الألياف في تخفيف الإمساك. حيث أنه يمر عبر القناة الهضمية غير مهضوم، مما يساعد على تكوين البراز وتعزيز حركات الأمعاء المنتظمة.


في تحليل لخمس دراسات، وجد العلماء أن الألياف الغذائية تساعد في تحفيز حركة الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بالإمساك. بالإضافة إلى ذلك، قد يمنع النظام الغذائي الغني بالألياف مرض الرتج، وهي حالة تتكون فيها أكياس صغيرة على طول جدار القولون، مما يؤدي إلى الإصابة بالعدوى أو الالتهاب. هذه الحالة شائعة بشكل خاص بين كبار السن. غالبًا ما يُنظر إلى مرض الرتج على أنه مرض من أمراض النظام الغذائي الغربي. إنه أمر شائع بشكل لا يصدق، ويؤثر على ما يصل إلى 50% من الأشخاص فوق سن الخمسين في الدول الغربية. على العكس من ذلك، فإن مرض الرتج يكاد لا يصيب الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الألياف. على سبيل المثال، في اليابان وأفريقيا، يصيب مرض الرتج أقل من 0.2% من الناس.


العناصر الغذائية الأخرى التي قد تساعدك مع تقدمك في العمر


قد تفيدك العديد من العناصر الغذائية الأخرى مع تقدمك في العمر، بما في ذلك:

  • البوتاسيوم: يرتبط تناول كميات كبيرة من البوتاسيوم بانخفاض خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وحصى الكلى، وهشاشة العظام، وأمراض القلب. وكلها أكثر شيوعًا بين كبار السن.
  • أحماض أوميغا 3 الدهنية: أمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفاة بين كبار السن. أظهرت الدراسات أن أحماض أوميغا 3 الدهنية يمكن أن تقلل من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل ارتفاع ضغط الدم والدهون الثلاثية.
  •  المغنيسيوم: المغنيسيوم معدن مهم في الجسم. ولسوء الحظ فإن كبار السن معرضون لخطر النقص بسبب قلة تناولهم، واستخدام الأدوية، والتغيرات المرتبطة بالعمر في وظيفة الأمعاء.
  • الحديد: نقص الحديد شائع عند كبار السن. وقد يتسبب هذا في فقر الدم، وهي حالة لا يزود فيها الدم الجسم بالأكسجين الكافي.


يمكن للأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا الاستفادة من تناول مكملات الحديد أو أوميغا 3. على الرغم من وجود الحديد في مجموعة متنوعة من الخضروات، إلا أن مصادر الحديد النباتية لا يتم امتصاصها وكذلك مصادر اللحوم من الحديد. توجد دهون أوميغا 3 في الغالب في الأسماك.


أنت أكثر عرضة للجفاف

يشكل الماء حوالي 60% من جسمك. من المهم أن تبقى رطبًا طوال حياتك؛ لأن جسمك يفقد الماء باستمرار وبشكل رئيسي من خلال العرق والبول. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تجعلك الشيخوخة عرضة للجفاف. حيث يكتشف جسمك الشعور بالعطش من خلال المستقبلات الموجودة في الدماغ وفي جميع أنحاء الجسم. ومع ذلك، مع تقدمك في العمر قد تصبح هذه المستقبلات أقل حساسية لتغيرات الماء، مما يجعل من الصعب عليها اكتشاف العطش. بالإضافة إلى ذلك، تساعد كليتيك جسمك في الحفاظ على الماء ولكنها تميل إلى فقدان وظيفتها مع تقدمك في العمر.


يكون للجفاف عواقب وخيمة على كبار السن. حيث يمكن أن يقلل الجفاف طويل الأمد السوائل في خلاياك، ويقلل من قدرتك على امتصاص الأدوية، ويزيد من سوء الحالات الطبية، ويزيد من التعب. لهذا السبب من المهم بذل جهد واعي لشرب كمية كافية من الماء يوميًا. إذا وجدت أن شرب الماء يمثل تحديًا، فحاول تناول كوب أو كوبين من الماء مع كل وجبة. خلافًا لذلك، حاول حمل زجاجة ماء أثناء يومك.


ترتبط الشيخوخة بالتغيرات التي يمكن أن تجعلك عُرضة لنقص الكالسيوم، وفيتامين د، وفيتامين ب 12، والحديد، والمغنيسيوم، والعديد من العناصر الغذائية الهامة الأخرى. قد تقلل أيضًا من قدرتك على التعرف على أحاسيس، مثل الجوع والعطش. عليك التركيز والبقاء واعيًا بالكمية التي تتناولها من الماء والطعام، وتناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالمغذيات، والتفكير في تناول مكملات. يمكن أن تساعدك كل هذه الإجراءات على محاربة أوجه القصور والبقاء بصحة جيدة مع تقدمك في السن.

في الأخبار