لماذا نحلم بالأشياء التي تقلقنا وكيف نعالج ذلك؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

يتفق معظم الناس بشكل عام على فوائد النوم الجيد ليلاً. بعد العمل الشاق، تمنحك قيلولة بعد الظهر فرصة لإعادة شحن جسدك حتى تستيقظ منتعشًا ومستعدًا لاستكمال يومك. إذا كنت تتعامل مع القلق أو تحديات الحياة الأخرى، يمكن أن يساعدك النوم الجيد على الشعور بطاقة أكبر على مواجهة الأيام العصيبة. ولكن عندما يتسلل القلق إلى أحلامك، فقد لا يوفر النوم الهروب المريح الذي تبحث عنه. يمكن أن تكون أحلام القلق مزعجة للغاية، فهي لا تعيق نومك فحسب، بل يمكنها أيضًا زيادة التوتر والقلق في الصباح. قد تقلق حتى من أن تلك الأحلام تعني أن شيئًا سيئًا على وشك الحدوث. إذا كنت تتساءل ما الذي يسبب لك أحلام القلق حقًا وما إذا كان بإمكانك إدارتها للحصول على نوم أفضل، فأنت في المكان الصحيح.


لماذا يحدث ذلك؟


عادة ما تشير أحلام القلق باختصار إلى أي حلم يسبب التوتر أو الضيق. قد تشعر بالذعر أو التوتر أثناء الحلم، لكن هذه المشاعر قد تستمر أيضًا بعد أن تستيقظ، وقد يستمر عدم ارتياحك طوال اليوم، والقلق أثناء النهار يمكن أن يزيد من احتمالية الكوابيس.


تتضمن بعض الأسباب العامة للكوابيس وأحلام القلق ما يلي:


  • الخوف أو التوتر
  • التغيرات الحديثة في الحياة 
  • أحداث صادمة
  •  الأرق أو النوم المتقطع
  •  شرب الكحول

 ولكن كيف يثير القلق بالضبط الأحلام المزعجة؟


يظل عقلك نشطًا أثناء النوم، ويستخدم هذا الوقت لتنفيذ المهام المهمة التي تساعد على إنعاش جسمك والحفاظ على سير العمليات الأساسية في المستويات المثلى. للأفضل أو للأسوأ، يتضمن جزء من نشاط الدماغ الليلي هذا أحيانًا ترقيع الذكريات والأحاسيس في شبه سرد، ويترتب على ذلك أنه إذا تسببت أفكارك ومشاعرك الأخيرة في التوتر والخوف، فمن المرجح أن تتبع أحلامك نمطًا مشابهًا. لن يكون لدى كل من يعاني من القلق أحلام سيئة، لكن الأبحاث تشير إلى أن القلق يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في الضيق الليلي.


في دراسة أجريت عام ٢٠١٤ على ٢٢٧ بالغًا، كان لدى أولئك الذين استوفوا معايير اضطراب القلق العام أحلامًا سيئة أكثر من المشاركين الذين لم يكن لديهم قلق. وجد مؤلفو الدراسة أيضًا أدلة تشير إلى أن الأحلام السيئة أدت إلى زيادة مشاعر القلق والاكتئاب أثناء النهار. باختصار، يمكن أن يتداخل القلق والكوابيس مع بعضهما البعض، مما يخلق حلقة من الرعب والقلق غير سارة.


هل الأحلام تعني أي شيء؟


غالبًا لا يكون للأحلام معنى، فقد تبدو بعض أحلامك واضحة وأحداثها مترابطة للغاية، ولكن بها بعض العناصر غير الواقعية. ربما تكون عارياً في العمل، أو لديك أجنحة، أو تتعامل مع أحد المشاهير. لكن مجرد حلمك بهذه الأشياء لا يعني أنها ستحدث، والأمر نفسه ينطبق على أحلام القلق. ربما تحلم باستمرار بعدم الذهاب إلى امتحان نهائي أو خيانة شريكك. عندما تستيقظ، قد تشعر بالرعب من تحول هذه الاحتمالات إلى حقيقة. عادةً، على الرغم من ذلك، هذه الأحلام غالباً ما تدل على بعض مخاوف العقل الباطن أو الوعي بشأن حدوث هذه الأشياء. 


إذا كنت تقضي الكثير من الوقت في القلق بشأن احتمال قيام شريكك بخيانتك، فمن المفهوم أن هذه المخاوف قد تظهر في أحلامك. استكشاف الأحلام هو مجال واسع للدراسة، والعديد من النظريات حول ما يمكن أن تعنيه الأحلام موجودة. ومع ذلك، لا يوجد بحث علمي يدعم فكرة أن الأحلام يمكن أن تتنبأ بالأحداث المستقبلية. لذلك، إذا كنت قد لاحظت زيادة طفيفة في الأحلام المقلقة، خاصةً قبل حدث مهم، فمن المحتمل أن يكون عقلك على دراية بالتوتر الذي تواجهه.


كيف تعود إلى النوم بعد حلم سيء؟


ليس من السهل دائمًا النوم بعد الاستيقاظ من حلم سيئ، ولكن هناك بعض الأشياء التي قد تساعدك في الحصول على قسط من الراحة.


- جرب شيئًا يبعث على الاسترخاء


يمكن أن تساعدك بعض نشاطات الاسترخاء في إعادة عقلك إلى وضع النوم، مثل:


  • مشروب دافئ
  • موسيقى هادئة
  • كتاب مفضل هاديء
  • تمارين التنفس أو التأمل

ما عليك سوى إبقاء الأضواء خافتة ومحاولة تجنب مشاهدة التلفزيون أو التمرير عبر هاتفك، لأن ذلك يمكن أن يوقظك أكثر. إذا امتد الوقت ولم تستطع النوم مرة أخرى، فلا تبقى في السرير. من السهل أن تشعر بالإحباط والانزعاج عندما لا تتمكن من العودة إلى النوم، ولكن هذا غالبًا ما يزيد الأمور سوءً. لذا، اشرب ماء، أو تجول في المنزل، أو جرب حمامًا دافئًا للعودة إلى الفراش حتى تبدأ في الشعور بالنعاس مرة أخرى. ومهما فعلت، لا تنظر إلى الساعة، فستكون أقل قلقًا بشأن حلمك وأكثر توتراً بشأن كل النوم الذي فاتك. كلما مر الوقت، زاد شعورك بالإحباط. إذا كان لديك أحلام القلق بانتظام، فمن المحتمل أنك مررت بهذا مرات عديدة. لتجنب زيادة التوتر، تحقق من ساعتك أو هاتفك مرة واحدة عند الاستيقاظ، إذا كنت بحاجة إلى ذلك، ولا تنظر إليه مرة أخرى. من المرجح أن تعود إلى النوم بسهولة أكبر إذا لم تكن تشعر بالقلق بشأن الوقت أو المدة التي ظللت مستيقظًا فيها.


كيف تمنع حدوث ذلك في المستقبل؟


بينما لا يمكنك دائمًا تجنب القلق تمامًا، يمكنك فعل الكثير للتعامل مع الأفكار المقلقة. يمكن لتقليل القلق أثناء النهار أن يفيد صحتك بشكل عام، ولكن يمكن أن يساعدك أيضًا في الحصول على نوم أفضل.


1- ابدأ روتينًا مهدئًا لوقت النوم


يمكن أن يساعدك روتين الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء قبل النوم على النوم بشكل أفضل. أوقف تشغيل التلفزيون والكمبيوتر وضع هاتفك جانبًا قبل النوم بساعة، ثم حاول:

  • القراءة
  •  سماع الأغاني
  •  التأمل
  •  أخذ حمام ساخن 


يمكن أن يوفر تدوين اليوميات قبل النوم طريقة للتعبير عن الأفكار المجهدة أو السلبية. حيث يمكن أن يساعدك القيام بتدوينها على الشعور كما لو كنت تتجاهلها جسديًا. بمجرد أن تكون في السرير، دع عقلك يتجول في الأفكار الإيجابية، مثل الأشخاص أو الأماكن التي تحبها، أو الأشياء الجيدة في يومك، أو الأشياء التي تقدرها في الحياة.


2- تجنب الأنشطة المجهدة قبل النوم


إذا كان آخر شيء تفعله قبل النوم هو مراجعة أموالك أو قراءة رسالة بريد إلكتروني مؤلمة من أحد أفراد أسرتك، فمن المحتمل أنك ستستمر في التفكير في هذه الأشياء عند محاولة الحصول على قسط من الراحة. لا يمكن بالطبع تجنب كل المهام المجهدة تمامًا، ولكن إذا كنت تعلم أن شيئًا ما يلهم مشاعر التوتر أو القلق، فحاول التعامل معه في وقت مبكر من اليوم. بعد ذلك، اتبعها بهواية تستمتع بها أو أي شيء آخر يجعلك تشعر بتحسن، مثل قضاء الوقت مع أفضل صديق لك أو شريكك. يمكن أن يساعد القيام بشيء إيجابي في تخفيف القلق الناجم عن مشاعرك السارة وإعادة ضبط مزاجك.


3- خصص وقتًا لممارسة الرياضة


للتمرين الكثير من الفوائد، بما في ذلك تحسين النوم. قد تساعدك إضافة ٣٠ دقيقة فقط من التمارين الهوائية المعتدلة إلى يومك في الحصول على نوم أفضل على الفور - وربما حتى في تلك الليلة، مثل:


  • المشي السريع
  • السباحة
  • ركوب الدراجات
  • التنزه


ومع ذلك، حاول القيام بهذا التمرين في غضون ساعة على الأقل قبل الذهاب إلى الفراش. تؤدي التمارين الرياضية إلى إطلاق الإندورفين وارتفاع درجة حرارة الجسم، وكلاهما يمكن أن يوقظ جسمك بدلاً من مساعدته على الاستعداد للنوم.


4- تكلم عن أحلامك المزعجة 


إذا كان لديك حلم قلق يستمر في العودة، يمكن أن يساعدك إخبار شخص ما عنه. غالبًا ما تؤدي مشاركة الأشياء التي تخيفك أو تزعجك مع شخص تثق به إلى تقليل تأثير هذه المشاعر. يمكن لأحبائك مساعدتك، ويمكن أن تؤدي مشاركة العبء إلى تخفيفه، لذا في بعض الأحيان مجرد الانفتاح على القلق يمكن أن يساعد في تحسين الأعراض، مما قد يؤدي إلى نوم أفضل.


متى تحصل على المساعدة؟


يمكن أن تحدث أحلام أو كوابيس قلق متكررة ومزعجة أحيانًا كجزء من حالة طبية أساسية، مثل:


  • باراسومنيا (اضطراب النوم)
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
  • السرطان
  • مرض قلبي
  • الاكتئاب

إذا كانت أحلامك تزعج راحتك وتؤثر على حياتك اليومية، يمكن أن يساعدك الدعم المهني. ابدأ بالتحدث إلى طبيبك والذي يمكنه استبعاد أي حالات طبية. يمكن أن يساعدك التحدث إلى المعالج أيضًا على البدء في معالجة القلق أثناء الاستيقاظ، أو التوتر، أو أي أعراض نفسية أخرى لاحظتها. تشير الأبحاث إلى أن العلاج السلوكي المعرفي للقلق يمكن أن يؤدي إلى تقليل الأحلام السيئة. من الحكمة دائمًا طلب الدعم إذا بدأت الأعراض في التأثير على عملك، أو علاقاتك، أو جودة حياتك بشكل عام.

في الأخبار