لماذا تعاني من كوابيس متكررة؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

يُعرَّف الكابوس المتكرر بأنه حلم غير سار يتكرر مرارًا وتكرارًا خلال فترة طويلة من الزمن. ويكون محتواه مُفزع أو مخيف. فربما تحلم بالتعرض للاعتداء، أو ربما يحتوي الكابوس الخاص بك على تعرض أحد أفراد أسرتك لحادث. وقد تظل تختبر هذا الكابوس في كل مرة تغفو فيها. أيًا كان نوع الكابوس المتكرر الذي تختبره، فإن الاستيقاظ بالشعور بالرعب هو أمر مروع. ويمكن أن تشعر بالرعب كل ليلة قبل النوم خوفًا من أنه من المحتمل أن تحلم بكابوس آخر. لحسن الحظ، قد يكون فهم الكوابيس المتكررة هو الخطوة الأولى في معالجتها.


الأسباب المحتملة


لا يُعرف الكثير عن الكوابيس، فبينما يعتقد بعض الباحثين أن الكوابيس قد تنجم عن اختلال التوازن الكيميائي في المخ، يعتقد البعض الآخر أنها تنبع من مشاكل عميقة الجذور أو تجارب مؤلمة حُشرت في اللاوعي. وآخرون يعتقدون أن الكوابيس هي مجرد علامة على خيال خصب. فلماذا يكون لدى شخص ما كابوس متكرر؟ هناك بعض الأسباب المحتملة.


1- الاحتياجات النفسية غير الملباة


يعتقد بعض الباحثون أن الكوابيس المتكررة تنبع من الاحتياجات النفسية غير الملباة، مثل الاستقلالية، والكفاءة في الحياة، والعلاقات المستقرة. يمكن أن تؤدي هذه الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها إلى تكرار بعض الأحلام، وفي بعض الحالات، تكرار بعض الكوابيس المتعلقة بهذه الاحتياجات.


2- الأدوية والمخدرات


قد تتداخل الأدوية، والمخدرات، والكحول مع المواد الكيميائية في المخ، وتزيد من احتمالية حدوث الكوابيس. لقد وجدت الدراسات أن المهدئات وأدوية الاكتئاب من المرجح بشكل خاص أن تسبب الكوابيس. في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الانسحاب من المواد المخدرة أيضًا إلى تكرار الكوابيس.


3- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)


تعتبر الكوابيس من أكثر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة شيوعًا. وغالبًا ما تتضمن إعادة تجربة نفس الصدمة التي تعرضت لها في الحياة الواقعية.


4- اضطراب الشخصية الحدية


اضطراب الشخصية الحدية هو اضطراب في الصحة العقلية يتسم بتشوهات في الصورة الذاتية، وصعوبة إدارة العواطف والسلوك، والتورط في نمط العلاقات غير المستقرة. حوالي ٤٩٪؜ من الأفراد المصابين باضطراب الشخصية الحدية يعانون من الكوابيس المتكررة.


5- اضطراب الكوابيس


قد يكون بعض الأفراد الذين يختبرون الكوابيس المتكررة كل ليلة يعانون من "اضطراب الكوابيس". اضطراب الكابوس هو حالة صحية عقلية تتسم بما يلي:


  • الحلقات المتكررة من الأحلام والكوابيس التي يتم تذكرها جيدًا، والتي تتضمن عادةً: جهودًا للنجاة أو الصراع للبقاء على قيد الحياة.
  • الشعور بالفجعة والتوتر فور الاستيقاظ من الكابوس.
  • الضعف في المجالات الاجتماعية، أو المهنية، أو غيرها من المجالات.


حتى يتم تشخيص شخص ما، لا يمكن تفسير الأعراض من خلال تغير الحالة المزاجية فقط أو من خلال تكرار الكوابيس والأعراض المذكورة أعلاه. حيث يجب أن تستمر الأعراض لأكثر من شهر واحد حتى يتم التأكيد على الإصابة بهذا الاضطراب. 


بعض الكوابيس الشائعة


في حين أن الكوابيس يمكن أن تدور حول أي شيء، فقد وجد الباحثون أن هناك بعض الموضوعات الشائعة للكوابيس. فحصت دراسة أجريت عام ٢٠١٨ الكوابيس الشائعة لدى الأطفال. اكتشف الباحثون أن كوابيس الأطفال غالبًا ما تنطوي على المطاردة، أو الاعتداء الجسدي، أو وفاة أو إصابة أحد أفراد الأسرة. ووجدت دراسة نشرت عام ٢٠١٤ أن كوابيس البالغين غالبًا ما تكون متشابهة. بعد تحليل أكثر من ألف حلم، وجد الباحثون أن معظم الكوابيس تنطوي على عدوان جسدي من نوع ما، وكانت المشكلات الصحية، والوفيات، والتهديدات شائعة أيضًا في الكوابيس. ولاحظ الباحثون أيضًا أن الخوف ليس دائمًا جزءًا من الكوابيس، فغالبًا ما كان الحزن، والارتباك، والشعور بالذنب، والاشمئزاز موجودًا.


تأثير الكوابيس المتكررة عليك:


أي شخص عانى من كوابيس متكررة من قبل يعرف أنه يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على صحته العاطفية، والجسدية، والمهنية، والاجتماعية. فقد تؤثر الكوابيس عليك بهذا الشكل: 


  •  قد تتداخل الكوابيس مع علاقاتك الرومانسية. وقد يصبح من الصعب مشاركة السرير مع شخص ما إذا كنت تعلم أنك قد تستيقظ وأنت تصرخ من شدة الفجعة.

  •  قد يصعُب عليك التركيز في العمل، لأنك استيقظت عدة مرات في الليلة السابقة من الكوابيس، ولم تنم بشكل كافي. وبالتالي، يمكن أن تتأثر إنتاجيتك في العمل.

  •  قد تجد صعوبة أكبر في إدارة مشاعرك أو حتى شهيتك عندما تكون محرومًا من النوم أيضًا.

  • قد تتطور لديك أفكار بالانتحار. حيث وجدت دراسة أجريت عام ٢٠١٤ صلة بين تكرار الكوابيس والانتحار. ووجدت دراسة أجريت عام ٢٠١٧ أن الكوابيس المتكررة يبدو أنها تساهم في الانتحار بين طلاب الجامعات.

  •  قد تؤدي إلى الحرمان من النوم. فالكوابيس تميل إلى إيقاظ الناس وصعوبة عودتهم إلى النوم. تم ربط الحرمان من النوم بمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية والمشاكل النفسية، بدءًا من زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب إلى السمنة.

  • قد تؤدي إلى الاكتئاب، حيث ارتبطت الكوابيس أيضًا بالاكتئاب، والقلق، والتوتر، واضطرابات نفسية أخرى.

العلاج


إذا كنت تعاني من كوابيس متكررة، فتحدث إلى طبيبك. قد يرغب طبيبك في إجراء فحص جسدي كامل لاستبعاد أي أسباب طبية محتملة للكوابيس. وقد يوصي طبيبك أيضًا بإحالتك إلى معالج يمكنه المساعدة في تحسين نومك ومعالجة أي مشاكل صحية عقلية أساسية. يعتمد علاج الكوابيس المتكررة على السبب، وفي بعض الأحيان، يمكن لبعض التغييرات في نمط الحياة أن تقللها. 


في أوقات أخرى، قد يكون من الضروري إجراء تغييرات في الأدوية، وقد يكون الطبيب قادرًا على وصف دواء أقل عرضة للتسبب في الكوابيس. قد يستخدم المعالجون أيضًا العلاج بالكلام لمعالجة الكوابيس مباشرةً. قد يتضمن هذا الحديث عن الكوابيس وإيجاد طرق صحية للتعامل مع الضيق الذي تسببه. قد يطلب المعالجون أيضًا من الأفراد تدوين أحلامهم ومحاولة فهم أسبابها والتغلب على المشاعر التي تسببها لهم.


إذا كنت تعاني من كابوس متكرر، فلا تخف من طلب المساعدة. قد يكون التحدث إلى طبيبك أو معالجك أمرًا أساسيًا لمساعدتك في الشعور بالراحة والتخلص من تكرار الكوابيس. وقد تساعدك بعض التغييرات البسيطة في حياتك في التغلب على الكوابيس أو التخلص منها تمامًا.

في الأخبار