كيف تُفكر في حياتك المهنية؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

تخيل أن هناك شخصًا ما سألك عن "تطلعاتك المهنية" في عمر الثانية والعشرين، فماذا ستكون إجابتك؟ من المحتمل أن تنظر إليه بشكل فارغ ثم تقوم بتغيير الموضوع إلى شئ أبسط، مثل البرامج التي سيوصي بها لتصميم شكل أرانب لطيفة ثلاثية الأبعاد لاستخدامها في لعبة فيديو جديدة! ومن المحتمل أن الأمر ليس له علاقة بأنك لم تفكر في حياتك المهنية على الإطلاق. فبداخل كل شخص طموحًا يود الوصول إليها، مثل أن يكون جزءًا من شيء كبير، أن يكون قادرًا على إعالة نفسه ماديًا، وألا يقلق والديه عليه، وأن يجد وظيفة لا يكون مضطرًا فيها مشاهدة الساعة كل ساعة.

 
الموضوع أبعد من ذلك قليلًا، فإن تفاصيل التفكير في الحياة المهنية أحيانًا ما تكون عبارة عن سحابة رمادية عملاقة بالنسبة لكثير من الأشخاص. وفي سن الثانية والعشرين، ربما تكون قد توليت وظيفتك الأولى في شركة ناشئة، حيث يكونوا الموظفون فيها يتحركون بسرعة كبيرة للغاية للجلوس والتفكير في المهارات التي يأملوا أن يتعلموها. فمن يحتاج إلى محادثات مهنية عندما يكون مشغولًا بتغيير العالم؟ وعلى الرغم من ذلك، فإن حياتك المهنية مثل حياتك الشخصية، تتحرك إلى الأمام سواء كنت تفكر في ذلك أم لا. إذا كنت لا تفكر في ذلك، فأنت تثق في الرياح! وربما سينتهي بك المطاف في مكان كنت ترغب دائمًا في الذهاب إليه، وربما لا.

و إليك بعض النصائح التي يجب أن تعرفها عن كيفية التعامل مع مسيرتك المهنية:

حدد مهنتك من خلال مهاراتك وكيفية استخدامها، وليس من خلال أي مقياس خارجي آخر

 
من الشائع التفكير في حياتك المهنية على أنها مستواك داخل الشركة، أو مقدار المال الذي تجنيه، أو لقبك الوظيفي، أو ما إذا كنت قد تم ضمك إلى مجموعة مرموقة (اجتماع مهم، مؤتمر حصري، وما إلى ذلك). كثيرًا ما تسمع الناس يقولون أشياء مثل، "أنا مهتم بالتقدم في مسيرتي. ماذا علي أن أفعل للترقية؟" هذا سؤال جيد تمامًا لطرحه، لكنني أشك في أن ما يكمن تحت السؤال هو الافتراض بأن التقدم في مهنة المرء = الحصول على ترقية. في رأيي، إن الأمر يشبه مساواة كونك صديقًا جيدًا بالحصول على دعوة لحضور حفل زفاف هذا الصديق. من المؤكد أن الأشخاص الذين يحضرون حفل زفاف أشخاص يكونوا أصدقاء جيدين. لكن إذا ركزت بنسبة 100٪ على كونك صديقًا رائعًا لشخص ما، حتى لو لم تفكر أبدًا في أن تتم دعوتك لحفل زفافه، فاحزر ماذا سيحدث؟ ربما ستحصل على هذا المغلف الرائع "الدعوة" في البريد.

 
وينطبق الشيء نفسه على حياتك المهنية. إذا كنت تركز بقوة على تحسين مهاراتك وتأثيرك على مؤسستك أو على العالم بأسره، فإن في هذه الحالة، الترقيات والأوسمة تميل إلى أن تكون شيئًا ثانويًا بالنسبة لك. إن العكس أيضًا ليس صحيحًا. على سبيل المثال، قد يكون لديك رئيس رهيب يُخبرك أن طريقة الحصول على ترقية هي إغلاق فمك، وجلب قهوته كل صباح، والقيام بأي عمل يقوم بتكليفك به. الآن، ربما تقوم بما سبق وتحصل على ترقية. رائع! ولكن هل سيساعدك هذا على المدى الطويل؟ هل سيعلمك ذلك مهارات جديدة ويجعلك موظفًا أكثر جاذبية لبعض الشركات الأخرى في المستقبل؟ على الاغلب لا. ربما ما يحدث هو أنك ترتقي في صفوف تلك الشركة فقط لتفلس من ناحية مهاراتك بعد ذلك. خصوصًا، إذا كانت المنظمة تمتلك ممارسات إدارية مشكوك فيها. بعد الإفلاس، ستدرك أنه ليس لديك العديد من المهارات القابلة للتسويق في هذا العالم الاقتصادي سريع التغير، لذلك من الصعب الحصول على وظيفة بمستوى راحة مماثل لما كان لديك في السابق. لذلك لا تسأل "ما الذي يتطلبه الأمر للحصول على ترقية؟" اسأل بدلاً من ذلك: "كيف يمكنني أن أفعل للمساعدة في جعل عملائنا أو العملاء المحتملين سعداء؟" اسأل "ما هي المهارات التي يجب أن أطورها لمساعدتي على زيادة قوة تأثيري في الشركة؟"

 
حتى إذا كانت شركتك الحالية لديها نظام ترقية مُعطل، حتى لو انهارت شركتك غدًا، حتى لو كان كل مقياس خارجي تتخذه لنفسك - الراتب، الانتماء، الجوائز – يذهب مع الرياح، فإن مهاراتك هي الباقية إلى الأبد. بغض النظر عن المكان الذي تتواجد فيه، فإن مهاراتك وخبراتك السابقة هي التي تتماشى مع الرحلة العملية. لهذا السبب يجب ألا تقلق كثيرًا إذا لم تتبع مهنتك بعض هيكل السلم الخارجي التصاعدي. وقد قالت "شيريل ساندبرج" العضو السابق في مجلس إدارة فيسبوك، مقولة رائعة في هذا الشأن: "المسيرة المهنية طويلة، لذا استثمر فيها حيثما يكون ذلك مهمًا."


عامل مديرك كمدرب وليس كناقض

 
بالنسبة لمعظم حياتي المهنية، كان لدي النموذج العقلي الذي يقول أن مديري، مثل أساتذتي. شخصًا في موقع سلطة يلاحظ ما أفعله ويُصدر حكمًا عليّ. فهو من يقرر ما إذا كنت بحالة جيدة أم لا، وما هي درجة التقييم الذي استحقه. على هذا النحو، لذلك كانت طريقة العمل الخاصة بي للتفاعل مع مديري يمكن تلخيصها في عبارة واحدة أنيقة: لا تظهر نفسك على أنك أحمقًا.

 
حاول أن تتحلى بالثقة والتفاؤل، حتى عندما تكون لا تشعر بذلك. أرفض المساعدة في أي شئ تستطيع فعله وحدك. انظر، وظيفة مديرك (بافتراض أنه مدير جيد) هي مساعدتك. من هذا المنظور، من المنطقي تمامًا أن تستثمر في حياتك المهنية. عندما تقوم بعمل أفضل، فعندئذٍ تكون أفضل. ومن ثم، فإن مديرك هو الشخص الذي يكون إلى جانبك ويريدك أن تنجح، وهو على استعداد لقضاء قدر كبير من الوقت والطاقة لمساعدتك على القيام بذلك. فكلما كنت أكثر صدقًا مع مديرك حول تطلعاتك ودوافعك والمهمة التي ترغب في مساعدته لتأديتها، كلما زادت سرعة تحركك. نصيحة لك، عندما تشعر بالإحباط من كل الأشياء التي تواجه صعوبة في القيام بها، قم بعمل قائمة بما تتمنى أن تتمكن في المستقبل من تحقيقه. واجعل هذه القائمة بعنوان: يوم ما، سأفعل ...

 
دعنا نأخذ نظرة على مظهر هذه القائمة، إليك مقتطف من العناصر التي تم فحصها على مر السنين، والعناصر التي ما زلت أعمل عليها:

 

  •  في يومًا ما:

 

1- لن أشعر بالخوف عندما أقابل شخصًا ما لأنني قلق بشأن ما يعتقده عني.

2- لن أقلق بشأن أي حدث يتطلب مني التحدث أمام العديد من الأشخاص.

3- سأشعر بالراحة أثناء التحدث في الاجتماعات.

4- سأكون واضحًا وقادرًا على إيجاز النقط التي أريدها.

5- سأقوم باستضافة أحداثًا كبيرة يستمتع بها الناس ولن أشعر بالتوتر.

 
وأخيرًا، عليك أن تعلم أنك تملك مهنتك، ولديك القدرة على تشكيلها أكثر من أي شخص آخر. وبغض النظر عن عدد الأشخاص الموجودين على الهامش الذين يساعدونك أو يتجاهلونك أو يعملون ضدك، فإن حياتك المهنية - مثل حياتك الشخصية - هي مسؤوليتك. لا تلوم مديرك أو شريك حياتك أو أصدقائك أو شركتك إذا لم تكن لديك المهنة التي تريدها. كل هذه الأشياء في وسعك تغييرها. إذا وجدت صعوبة في الاستيقاظ متحمسًا للذهاب إلى العمل في الصباح، اسأل نفسك لماذا؟ فإذا نظرت إلى الوراء في الأشهر الستة الماضية ولم تتمكن من إيجاد شيئًا كان صعبًا عليك، اسأل عما إذا كنت تتحدى نفسك بما فيه الكفاية؟

 
إذا كان مديرك لا يمنحك الدعم أو التدريب الذي تريده، أخبره كيف تريد أن تحصل على الدعم أو التدريب. إذا كان العمل في شركتك الحالية غير متوافق مع أهدافك أو قيمك طويلة المدى، ففكر في اتخاذ خطوة جديدة. وإذا لم تفكر أبدًا في المكان الذي تريد أن تكون فيه خلال ثلاث سنوات، فاجلس وفكر في الأمر الآن.ح

في الأخبار