بالنسبة للعديد من الناس، يمكن أن يكون العمل بمثابة منزل ثانٍ. فأنت تقضي معظم ساعات يومك، منذ استيقاظك، في عملك. وحتى من المحتمل أن يكون زملاؤك وفريقك في العمل هم الأشخاص الذين تتفاعل معهم كثيرًا في حياتك، بعد العائلة أو الزوج/الزوجة. ومع ذلك، من المستحيل أن تكون فعالًا وتشعر بالرضا في بيئة عمل سامة. حتى لو كنت تعمل من المنزل، يمكن لبيئة العمل السلبية أن تتجاوز أي شيء. ويمكن للصفات غير الملموسة التي تجعل العمل مكانًا صحيًا أو غير صحيًا أن تؤثر على كل شيء بدءًا من حياتك الشخصية، وصحتك، وحتى احترامك لذاتك. ويمكن أن يؤدي الضغط المتزايد الناتج عن العمل في مكتب مختل وظيفيًا إلى الإرهاق الوظيفي.
إذا كنت شخص تغلبك المشاعر وإدراكك الحسي عميق، فستشعر بالمزيد من الانزعاج عندما لا تكون الأمور على ما يرام، ويمكن أن تتأذى بسهولة من النقد أو السلوك القاسي من الأشخاص السامين في العمل. بالإضافة إلى ذلك، سوف تضع الكثير من الضغط على نفسك لتقدم أداءً مثاليًا حتى لا ينتقدك أحد، وسوف تتحمل مسئولية التأكد من أن كل من حولك يحبك ويسعد بوجودك وعملك. وإذا كنت على علم بكل ما يحدث (بما في ذلك ردود أفعال الناس فيما يخص عملك)، هذا قد يؤدي إلى إدراك حسي مستمر يستنزفك عاطفيًا. ربما تم إخبارك بأنك "حساس للغاية" أو تأخذ الأمور "على محمل شخصي جدًا"، لذا فأنت الآن تخشى التحدث حتى لا تُثبت على نفسك صحة هذا الكلام. وهذا قد يصبح مرهقًا بشدة، مما يزيد من الأعباء النفسية، ويؤدي لمزيد من الضغط على جهازك العصبي.
إذن، كيف يمكنك تحديد ما إذا كنت عالقًا في مكان عمل سام ذي بيئة معادية؟ فيما يلي ثمانية علامات تدل على أنك تعمل في بيئة مكتبية سامة.
1- يُقال لك "أنت محظوظ لأن لديك وظيفة."
إذا كنت قد سمعت هذه الجملة من قِبَل رئيسك في العمل، فهذه علامة حمراء كبيرة. أسلوب التخويف هذا هو وسيلة لتهديدك بالبقاء في وضع مهمش وغير مريح. بعض الشركات تتخذ وسيلة التهديد هذه كطريقة للسيطرة على موظفيها وتخويفهم، حتى لا يضطرون لتقديم أي اعتذار أو تعويض لأي سبب، وضمان بقاء الموظفين لديهم مهما حدث.
2- المكتب خالي من التواصل الجيد
هل تشعر وكأنك مُهمش فيما يتعلق بالمعلومات المهمة؟ إن وجود نقص مُتفشي في التواصل هو أحد آفات أماكن العمل السامة. قد تحصل أيضًا على تعليقات قليلة أو معدومة حول أدائك، وحتى وإن حدث وحصلت على أي تعليق، تكون التعليقات سلبية وقاسية - وليست من النوع البنّاء. ربما حتى تقوم بعمل شخصين أو ثلاثة، ومع ذلك لن يُنسب رئيسك أو زملائك الفضل إلى إنجازاتك.
3- الجميع بائس
إذا دخلت العمل وكان كل من حولك بائسًا ولا يحبون ما يعملون، فقد تكون محاصرًا في بيئة سامة وغير مريحة. في هذا النوع من المكاتب، لا يوجد حماس، لا أحد يبتسم في وجهك، ولا أحد يقول "أحب العمل هنا". إن ارتفاع معدل الموظفين الذين يتركون العمل يعد علامة على فرار الناس بسرعة كبيرة، وهذا على الأرجح بسبب تعاستهم وضعف الروح المعنوية في المكتب.
4- المقاييس الرقمية لها الأولوية
أرقام المبيعات والجداول الزمنية ومواعيد التسليم - هذه المقاييس، بالطبع، هي علامات مهمة لكيفية سير الأمور في أي عمل. لكن القادة العظماء يعرفون أن النجاح الحقيقي لا يمكن قياسه أو حسابه دائمًا. حيث تساهم عوامل أكثر أهمية، مثل الرضا في مكان العمل، والعمل الجماعي، والنمو الشخصي، في هذه المقاييس وتساعد في الحفاظ عليها. لا تحكي الأرقام دائمًا القصة كاملة، ولا ينبغي أن تكون مصدر القلق الوحيد. إذا كان مكتبك يعتمد على مقاييس النجاح القابلة للقياس والحساب، فمن المحتمل أن تكون هذه هي الأولوية الوحيدة بالنسبة لمديرك، ومن المحتمل أيضًا أنه يغرس الخوف من الفشل بين الموظفين، مما يُحبط الموظفين.
5- الخلل وانعدام النظام يملأن المكتب
هل تبدو الاجتماعات وكأنها مضيعة للوقت وتتحول إلى فوضى غير منظمة حيث لا يتم إنجاز أي شيء؟ هل إدارة الشركة مفككة وفاشلة؟ إن أماكن العمل السامة مليئة بالارتباك، والمواعيد النهائية التعسفية، ونقص التركيز، والشعور بالضيق العام، والسياسات الغير فعالة. إذا تمت إضافة سياسات أو لوائح جديدة باستمرار، أو إذا لم تكن الإدارة موجودة على الإطلاق للمساعدة في حل المشكلات، فهذه أعراض لمشكلة أكبر تنبع من ضعف القيادة وانخفاض الروح المعنوية.
6- لديك رئيس مُسيطر
يحاول هذا النوع من الرؤساء دائمًا التحكم في كل تحركاتك، وتشعر كما لو أنه ينتظر فقط مهاجمتك بسبب أي فوضى أو خطأ. عادةً ما يبدو الرؤساء السامين غير مستعدين للاستماع إلى الآخرين، ويثقون دومًا بأن تفكيرهم يعلو عن الجميع، وأن طريقتهم في العمل هي فقط الصحيحة. يحب هذا النوع من الرؤساء استخدام سلطته وإظهار الآخرين أنهم مسؤولون عن أي خطأ يحدث. ربما لا يكون هو أو هي على استعداد لتقديم يد المساعدة في المهام، أو منحك الفضل في العمل الذي قمت به بشكل جيد. وإذا كنت تشعر كما لو أن رئيسك في العمل يتوقع منك القدوم إلى عملك حتى لو كنت على فراش الموت، فقد تكون تعاني من رئيس استبدادي وسام.
7- لا تنمو في مكان العمل
إذا كنت قد تواصلت مع الإدارة أو الموارد البشرية عدة مرات فيما يتعلق بالشعور بالتقدير وزيادة فرص النمو (مثل الترقيات، وزيادة المرتب، والمهام الصعبة)، ولم ترَ أي تغييرات، فقد حان الوقت للمغادرة.
8- حدسك يخبرك أن ترحل
عندما يقول حدسك أن شيئًا ما غير صحيح، ثق به. يمكن أن تكون الأعراض الجسدية التي تصاب بها، مثل الأرق، أو تسارع ضربات القلب، أو نوبات القلق، هي علامات من نظامك العصبي الحساس لتنبيهك بوجود خطر يجب التخلص منه.
إذا كان مديرك يهتم حقًا بشركته ومصلحة موظفيه، فسوف يأخذ مخاوفك على محمل الجد، ويبدأ في نشاط لتحويل بيئة العمل السامة إلى بيئة إيجابية ومنتجة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد يكون الوقت قد حان للنظر في تأثير الوظيفة على صحتك وحياتك الشخصية. هل تستحق تلك الوظيفة البقاء فقط من أجل سيرتك الذاتية؟ أو يمكنك التفكير في وظيفة أخرى تسمح لك بتنفس الصعداء والعمل في بيئة مُشجعة وناجحة؟ قد لا يكون الوضع المثالي هو ترك عملك، ولكن تذكر دائمًا صحتك الجسدية والعقلية وضعهما كأولوية حتى لا تخسر الكثير في مقابل القليل، وهو العمل.