منذ بداية الحجر الصحي عانى الكثير منّا من القلق والاكتئاب، ويرجع ذلك إلى أن أصوات تفكيرنا الداخلية كانت صامتة بسبب زخم الحياة اليومية وسرعتها. تلك الأصوات المزعجة التي تُذكرنا بإخفاقاتنا، تنتقد مظهرنا الخارجي، تُثقِب ثقتنا بأنفسنا. لدرجة أن نظرة بسيطة في المرآة قادرة على أن تؤدي إلى سيل من الرفض لذاتك. في هذه المقالة سنتعرف على كيفية التغلب على القلق المصاحب للكورونا وتأثيراته، ولكن أولاً دعونا نفحص لماذا يزدهر هذا الشعور في الحجر الصحي؟
لماذا تشعر بالسوء خصوصًا في فترة الحجر الصحي؟
العزلة اختيار لم يختاره معظمنا ولكن الوباء العالمي الحالي فَعَل. ويُرجح الخبراء أن أكثر تأثير سلبي للكورونا خلال الفترة الحالية هو عدم القدرة على التواصل مع أشخاص مختلفة في سياقات متعددة والتي بدورها تعمل على انتعاش روحنا. فبسبب الحجر الصحي لا نستطيع فِعل بعض الأشياء الروتينية التي كنّا نقوم بها من قبل في حياتنا الطبيعية، ومنها، قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. وللأسف كلما فقدت اتصالك بالعلاقات والأنشطة التي تُجدّدّك داخلياً وخارجياً، وفقدت روتينك المنتظم، كلما شعرت بالاكتئاب والقلق. لذلك عليك ألا تستغرب هذا الشعور.
احتضانك وتفهمك لذاتك مهم
عادةً في حياتك اليومية ما قبل العزلة الذاتية وحركتها السريعة، لم يكن تركيزك يتمحور حول ذاتك وكيف تشعر، حيث أنك كنت مشغولاً جداً بالأحداث اليومية ولا تفكر بشكل زائد في مشاعرك وأفكارك. ولكن هل وجود حياة مليئة بالأحداث يعني بالضرورة أنها سعيدة؟ بالنسبة للعديد من الأشخاص، أجبرنا الحجر الصحي على الضغط على زر الإيقاف المؤقت والتفكير في خياراتنا. وذلك على عكس المتوقع، يدفعنا إلى المزيد من التركيز الكامل وصفاء الذهن مما يتيح لنا الفرصة للاهتمام بصحتنا النفسية.
استخدام الحجر الصحي لإعادة إنعاش حياتك الداخلية
تأتي المرونة من كسب المعركة مع ذاتك الداخلية. وذلك من خلال تهدئة الأصوات السلبية وإفساح المجال لأصوات أكثر إيجابية. ولفعل ذلك ستحتاج إلى الاستراتيجيات القادمة:
1- إبدأ من مكانك الآن:
بدلًا من التركيز على ما لا تستطيع فعله، ركز على ما تستطيع فعله. نمّي هواية جديدة، تحدّ نفسك لتكون أكثر إبداعًا، قُم بالمهام التي كنت تتجنبها. توقف عن القلق بشأن الأشياء التي لا يمكنك التحكم بها حاليًا، وكُن استباقيًا وليس تفاعليًا.
2- كُن ممتنًا:
الامتنان قوة يمكنك من خلالها إطلاق العنان لطاقاتك الداخلية المتعددة. فهو يستطيع أن يخفف مما تشعر به من ضغوط ويُنعش نظرتك لحياتك. يمكنك كتابة يومياتك وما تشعر بالامتنان له في حياتك. إذا لم يكن هذا النوع من الكتابة مناسبًا لك، حاول أن تكتب رسالة إلى شخص تُقدّره. أخبره كم يعني لك؛ وبذلك لن تُسعِد نفسك فقط ولكن ستسعده أيضاً بهذه المبادرة الشجاعة.
3- أحصي النِعَم في حياتك:
للسلبية طاقة جذب قوية؛ تسحبك دائماً لأسفل. لذلك، مع كل الأخبار السيئة التي تحيط بك، خذ وقتًا للتعرف على الأشياء الجيدة في حياتك. إحصاء نِعم حياتك يُسعِدك ويُذكرك بأنه لا يزال من الممكن إيجاد طُرق بسيطة للاستمتاع بالحياة.
4- قلّل من الأخبار:
احرص على الحصول على المعلومات الهامة حول الفيروس وما يحدث في العالم من مصادر موثوقة، ولكن ابتعد عن الأخبار الكثيرة والمُفتعلة التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.
5- حاول إشغال وقتك:
خلال فترة الحجر الصحي ستجد أن يومك أطوّل من المعتاد، والذي بدوره يسمح لك بالقيام بأنشطة مختلفة مثل: قراءة كتاب جديد، مشاهدة فيلم كوميدي، تناول الأطعمة التي تستمتع بها، والتواصل مع أصدقائك عبر الإنترنت وغيرها من الأنشطة المختلفة.
6- استخدم مصطلحات إيجابية:
من السهل الوقوع في التفكير المتشائم خلال هذه الفترة. ولأن الطريقة التي ترى بها العالم ممكن أن تصبح كل شيء أو لا شيء، ابتعد عن العبارات السلبية التي يرددها الناس حالياً، مثل: "هذا لن يتحسن أبداً." "لن تعود الحياة كما كانت." واختار العبارات الإيجابية القادرة على تغيير نظرتك للأمور، من العجز والإحباط للأمل. مثل: "ستتحسن الأمور في الوقت المناسب." "ستكون الحياة مختلفة ولكن يمكنني التعامل مع ذلك."
7- ضع خطة علاج خاصة بك:
عندما تعيش فترة صعبة نفسيًا، يمكن أن تكون الأيام العادية غير مُحتملة. لذلك عليك إتباع خطة علاج خاصة بك. مثل: الاهتمام بالعناية الشخصية، النوم الكافي وتناول الطعام بشكل جيد، ممارسة الرياضة في المنزل. وإذا كنت تتبع جلسات علاجية مع طبيب خاص، داوم عليها من خلال الإنترنت وشاركه بكل ما تمر به من أفكار ومشاعر سلبية ومختلفة.
8- استغل الكنز الخاص بك:
لديك في منزلك كنز عظيم وهو الإنترنت. العالم كله حاليًا يشترك في حدث واحد وهو الحجر الصحي. من خلال الإنترنت تستطيع فعل الكثير من الأشياء التي يتبعها ويشاركها الأشخاص من مُختلف البُلدان. مثل: تعلّم لغة جديدة، التسجيل في الفصول الرياضية عبر الإنترنت، مشاهدة أفلام وثائقية عن موضوع تهتم به، وغيرها من الأشياء التي يوفرها لك هذا الكنز وأنت في مكانك.
9- كافئ نفسك:
في الأوقات العصيبة، عليك إيجاد طريقة لمكافأة نفسك وتقديرها. فبعد كل شئ، أنت لازلت هنا، لذلك عليك أن تُقاوِم من أجل نفسك وسلامتها النفسية.
10- توقف عن الشكوى:
الشكوى تستنفذ طاقتك، وتُحبِط معنوياتك، بالإضافة إلى تأثيرها المُدمر على حالتك الذهنية وأفكارك. كما أنها تُعزز من يأسك وتجعلك تتقمص دور الضحية. القضاء على عادة الشكوى غير سهل؛ يتطلب إرادة قوية للقضاء على الأفكار السلبية. ولكنك سرعان ما ستشعر بتحسن كبير بمجرد أن تجمع شجاعتك وتقول لنفسك "قسم الشكاوى مُغلق."
نحن نواجه أزمة وبائية كبيرة مع انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم. والحجر الصحي هو وسيلة للسيطرة على انتشار العدوى. وعلى الرغم من ضرورته، إلا أن له آثاره السلبية التي من الممكن أن نخفّفها بطرق مختلفة كي لا تتطور ونجد أنفسنا بعد الانتهاء من هذه الأزمة، نواجه مشاكل نفسية وصحية كبيرة تمنعنا من متابعة حياتنا بشكل طبيعي. لذلك عليك اتباع النقط السابقة لتجنب الدخول في هذه الدوامة.
_