كيفية التعرف على الإساءة العاطفية والتعامل معها

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

إن العلاقة المسيئة عاطفيًا يكون فيها نمط ثابت من الكلمات المسيئة والسلوكيات التي تضعف احترام الشخص لذاته وتقوض صحته العقلية. إن الإساءة العاطفية يمكن أن تحدث في أي علاقة، بما في ذلك بين الأصدقاء وأفراد الأسرة وزملاء العمل. الاعتداء العاطفي هو أحد أصعب أشكال الاعتداء التي يمكن التعرف عليها. يمكن أن تكون الإساءة العاطفية خفية أو علنية أو تتم بتلاعب. في كل الأحوال، إنها تزيل احترام الذات للضحية ويبدأ في الشك في تصوراته وأفعاله. الهدف الأساسي في الإساءة العاطفية هو السيطرة على الضحية من خلال تشويه سمعتها وعزلها، وإسكاتها، والسيطرة عليها. في النهاية، تشعر الضحية بأنها محاصرة. 



تأثير الإساءة العاطفية


عندما يكون الاعتداء العاطفي شديدًا ومستمرًا، قد يفقد الضحية إحساسه الكامل بالذات. يتشكل ألم الإساءة العاطفية في صورة غير مرئية للآخرين، مخفية في الشك الذاتي، وعدم الشعور بالقيمة الشخصية والكراهية الذاتية التي يشعر بها الضحية. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن عواقب الاعتداء العاطفي لا تقل خطورة عن تلك الناجمة عن الاعتداء الجسدي. بمرور الوقت، تؤدي الاتهامات، والإساءة اللفظية، وتوجيه الألقاب، والانتقادات إلى إضعاف إحساس الضحية بذاتها لدرجة أنها لم تعد قادرة على رؤية نفسها بشكل واقعي. وبالتالي، تبدأ الضحية في الاتفاق مع المسيء عن طريق تقبل أفعاله وطريقته. 


بمجرد حدوث ذلك، يصبح معظم الضحايا محاصرين في العلاقة المسيئة معتقدين أنهم لن يكونوا جيدين بما يكفي لأي شخص آخر. يمكن أن تؤثر إساءة المعاملة العاطفية على الصداقات لأن الأشخاص الذين يعانون من الإساءة العاطفية غالبًا ما يقلقون بشأن كيفية رؤية المقربين لهم، وما إذا كانوا حقاً يحبونهم. في نهاية المطاف، سوف ينسحب الضحايا من صداقاتهم ويعزلون أنفسهم، مقتنعين بأنه لا أحد يحبهم. ما هو أكثر من ذلك، يمكن أن يسبب الاعتداء العاطفي عددًا من المشاكل الصحية، بما في ذلك الاكتئاب، والقلق أو قرحة المعدة، وخفقان القلب، واضطرابات الأكل، والأرق.


كيفية اكتشاف الانتهاك العاطفي


عند فحص علاقتك الخاصة، تذكر أن الإساءة العاطفية غالبًا ما تكون خفية. ونتيجة لذلك، قد يكون من الصعب اكتشافها. إذا كنت تواجه صعوبة في تمييز ما إذا كانت علاقتك مسيئة أم لا، فتوقف وفكر في كيفية شعورك بالتفاعلات مع شريكك أو صديقك أو فرد من أسرتك. إذا شعرت بالجرح أو الإحباط أو الارتباك أو سوء الفهم أو الاكتئاب أو القلق في أي وقت تتفاعل فيه معه، فمن المحتمل أن تكون علاقتك مسيئة لك عاطفيًا. إليك علامات تدل على أنك في علاقة مسيئة عاطفيًا. ضع في اعتبارك أنه حتى لو قام شريكك ببعض هذه الأشياء فقط، فأنت لا تزال في علاقة مسيئة عاطفيًا. لا تقع في فخ أن تقول لنفسك "إنه ليس بهذا السوء" وتبرر سلوكه. تذكر أن كل شخص يستحق أن يعامل بلطف واحترام، وهذا يتضمنك أنت!


1- لديهم توقعات غير واقعية


يُظهر الشخص المسيء عاطفيًا توقعات غير واقعية. ومن أمثلة ذلك الآتي:


  • يطلب أشياء غير معقولة منك.
  •  يتوقع منك أن تضع كل شيء جانبًا لتلبية احتياجاته.
  •  يطالبك بقضاء كل وقتك معه.
  •  يشعر دائماً بعدم الرضا بغض النظر عن مدى صعوبة محاولاتك أو مقدار ما تقدمه.
  •  ينتقدك لعدم إكمال المهام وفقًا لمعاييره الخاصة.
  •  يتوقع منك أن تستمع لآرائه (لا يحق لك الحصول على رأي مختلف.)
  •  يطالبك بتسمية التواريخ والأوقات الدقيقة عند مناقشة الأشياء التي تزعجك منه، وعندما لا يمكنك القيام بذلك، فإنه يرفض الحدث كما لو أنه لم يحدث أبدًا.


2- لا يقدرونك 


الشخص المسيء عاطفيًا لا يقدرك أنت أو مشاعرك. ومن أمثلة ذلك:


  •  تقويض حريتك أو تجاهل أو تشويه أفكارك أو حياتك.
  •  رفض قبول مشاعرك من خلال تحديد ما يجب أن تشعر به.
  •  يتهمك بأنك "حساس للغاية" أو "عاطفي للغاية" أو "مجنون."
  •  يرفض الاعتراف بأخطائه أو قبول آرائك أو أفكارك. 
  •  يرفض طلباتك، ورغباتك، واحتياجاتك ويعتبرها سخيفة أو غير مستحبة له.
  •  يعتبر أن تصوراتك خاطئة أو أنه لا يمكن الوثوق بك بقول أشياء مثل "أنت لا تفهم" أو "أنت تبالغ."
  •  يتهمك بأنك أناني أو مادي إذا عبّرت عن رغباتك أو احتياجاتك (فهو يتوقع أنه لا يجب أن يكون لديك أي رغبات أو احتياجات سوى أن تهتم برغباته هو.)


3- يخلقون الفوضى في العلاقة


الشخص المسيء عاطفيًا يثير الفوضى في العلاقة. تشمل الأمثلة على ذلك:


  • بدء الحجج من أجل الجدال.
  •  الإدلاء بتصريحات مربكة ومتناقضة. 
  • حدوث تغيرات مزاجية شديدة أو نوبات عاطفية مفاجئة.
  •  ينتقد ملابسك، وشعرك، زعملك، وأكثر من ذلك.
  • التصرف بشكل غير متوقع للغاية. 


4- يستخدمون الابتزاز العاطفي


يستخدم الشخص المسيء عاطفيًا الابتزاز العاطفي. تشمل الأمثلة على ذلك الآتي:


  • التلاعب والسيطرة عليك بجعلك تشعر بالذنب.
  •  إذلالك في الأماكن العامة أو الخاصة.
  •  استخدام مخاوفك أو قيمك أو تعاطفك أو نقاط ضعفك الأخرى للتحكم فيك. 
  •  المبالغة في عيوبك أو إلقاء الضوء عليها من أجل صرف الانتباه عن أخطائه أو لتجنب تحمل مسؤولية اختياراتك أو أخطائك.
  •  إنكار وقوع حدث أو الكذب بشأنه.
  •  معاقبتك بالتوقف عن إظهار المودة ومعاملتك بصمت.


5- يحبون فرض سيطرتهم


الشخص المسيء عاطفيًا يحب فرض سيطرته. ومن أمثلة ذلك الآتي:


  •  معاملتك كما لو كنت أقل منهم في كل شيء.
  •  يلومك على أخطائه وأوجه قصوره.
  •  الشك في كل ما تقوله ومحاولة إثبات أنك مخطئ.
  •  يستهزأ بك وبمشاعرك.
  •  إخبارك أن آرائك وأفكارك وقيمك غبية أو غير منطقية أو "لا معنى لها."
  •  التحدث معك بتعالي.
  •  استخدام السخرية عند التفاعل معك بأي شكل.


6- يتحكمون فيك ويعزلونك


يحاول الأشخاص المسيئين عاطفياً عزلك والسيطرة عليك. تتضمن بعض الأمثلة: 


  • التحكم في من ترى أو من تقضي وقتًا معه من الأصدقاء والعائلة.
  •  مراقبتك من خلال هاتفك، بما في ذلك الرسائل النصية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبريد الإلكتروني.
  •  اتهامك بالخيانة أو الغيرة الزائدة عن الحد.
  •  إخفاء مفاتيح سيارتك أو هاتفك.
  •  يطلب معرفة مكانك في جميع الأوقات أو استخدام GPS لتتبع كل حركة لك.
  •  معاملتك مثل حيازة أو شيء يمتلكه.
  •  انتقاد أصدقائك وعائلتك وزملائك في العمل أو السخرية منهم.
  •  استخدام الغيرة والحسد كدليل على الحب ومنعك من التواجد مع الآخرين.
  •  إجبارك على قضاء كل وقتك معه.


٧ طرق للتعامل مع الإساءة العاطفية


الخطوة الأولى في التعامل مع علاقة مسيئة عاطفيًا هي إدراك أنه يتم إساءة معاملتك. إذا كنت قادرًا على تحديد أي جانب من جوانب الإيذاء العاطفي في علاقتك، فمن المهم أن تقر بذلك أولاً لنفسك وقبل كل شيء. من خلال أن تكون صادقًا فيما تختبره، يمكنك البدء في السيطرة على حياتك مرة أخرى. فيما يلي سبع استراتيجيات أخرى لاستعادة حياتك يمكنك وضعها موضع التنفيذ اليوم.


1- اجعل نفسك أولوية


عندما يتعلق الأمر بصحتك العقلية والجسدية، فأنت بحاجة إلى جعلها أولوية. توقف عن القلق بشأن إرضاء الشخص الذي يسيء إليك. اعتني باحتياجاتك. افعل شيئًا يساعدك على التفكير بإيجابية وتأكيد هويتك. تأكد أيضًا من الحصول على قسط مناسب من الراحة وتناول وجبات صحية. يمكن لهذه الخطوات البسيطة للعناية الذاتية أن تقطع شوطًا كبيرًا في مساعدتك في التعامل مع الضغوط اليومية للإيذاء العاطفي.


2- أنشئ حدودًا لك


أخبر الشخص المسيء بشدة أنه لا يحق له أن يصرخ عليك بعد الآن، أو أن يهينك، أو أن يكون وقحًا معك، أو أن يُسيء إليك بأي طريقة. ثم أخبره بما سيحدث إذا اختار الاستمرار في هذا السلوك. على سبيل المثال، أخبره أنه إذا أهانك، فستنتهي المحادثة وستغادر الغرفة. المفتاح هو أن تُنشيء لنفسك حدوداً وتجبره على احترامها.


3- توقف عن لوم نفسك


إذا كنت في علاقة مسيئة عاطفيًا لأي فترة من الوقت، فقد تعتقد أن هذا بسببك أنت، وقد تتسائل لماذا شخص يقول أنه يحبك، ثم يتصرف بهذا الشكل، أليس كذلك؟  لكنك لست المشكلة. الإساءة هي خيار. لذا توقف عن لوم نفسك على شيء لا يمكنك التحكم فيه.


4- أدرِك أنه لا يمكنك تغيير الشخص


على الرغم من بذل أقصى جهودك، فلن تتمكن أبدًا من تغيير الشخص المسيء عاطفيًا عن طريق القيام بشيء مختلف أو عن طريق الاختلاف. يختار الشخص المسيء التصرف بشكل مسيء. ذكّر نفسك أنه لا يمكنك التحكم في أفعالهم وأنك لست مسؤولًا عن اختياراتهم. الشيء الوحيد الذي يمكنك إصلاحه أو التحكم فيه هو ردك.


5- تجنب الانخراط مع شخص مسيء


لا تتعامل مع شخص مسيء. بمعنى آخر، إذا حاول المعتدي بدء جدال معك، أو طلب منك أشياء غير واقعية، أو أظهر غضبًا شديداً، فلا تحاول تقديم تفسيرات، أو تهدئة مشاعره، أو تقديم اعتذارات عن أشياء لم تفعلها. ببساطة ابتعد عن الموقف إذا استطعت. الانخراط مع المعتدي يجعلك أكثر عرضة للإساءة والألم. بغض النظر عن مدى صعوبة المحاولة، فلن تتمكن من تصحيح الأمور في أعينهم.


6- ابني شبكة دعم لك


توقف عن السكوت عن الإساءة التي تعاني منها. تحدث إلى صديق موثوق به أو أحد أفراد أسرتك أو حتى دكتور نفسي حول ما تمر به. خذ وقتًا بعيدًا عن الشخص المسيء قدر الإمكان واقض وقتًا مع الأشخاص الذين يحبونك ويدعمونك. ستساعدك هذه الشبكة من الأصدقاء والمثقفين الأصحاء على الشعور بالوحدة والعزلة بشكل أقل. يمكنهم أيضًا نُصحك ومساعدتك في وضع الأشياء في منظورها الصحيح.



7- اعمل على خطة هروب


إذا لم يكن لدى شريكك أو صديقك أو أحد أفراد أسرتك أي نية في تغيير خياراتهم السيئة أو العمل عليها، فلن تتمكن من البقاء في العلاقة المسيئة إلى الأبد. سيؤثر ذلك عليك عقليًا وجسديًا. بناءً على موقفك، قد تحتاج إلى اتخاذ خطوات لإنهاء العلاقة.



كل علاقة بها إساءة عاطفية قد تكون مختلفة. لذا، ناقش أفكارك وما يحدث لك في هذه العلاقة مع صديق موثوق به أو أحد أفراد الأسرة أو دكتور نفسي. تذكر أيضًا أن سوء المعاملة غالبًا ما يتصاعد عندما يتخذ الشخص الذي يتعرض للإساءة قرار المغادرة. لذا، تأكد من وجود خطة آمنة تحميك من ردة فعله في حالة تفاقم الأمور.

في الأخبار