
لدينا جميعًا ناقد داخلي، وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون هذا الصوت الصغير مفيدًا في الواقع ويبقينا متحمسين نحو الأهداف - مثل عندما يذكرنا بأن ما نحن على وشك تناوله ليس صحيًا أو ما نحن بصدد القيام به قد لا يكون حكيماً. ومع ذلك، غالبًا ما يكون هذا الصوت أكثر ضررًا من كونه مفيدًا، خاصة عندما يدخل في مجال السلبية المفرطة. يُعرف هذا باسم الحديث الذاتي السلبي، ويمكن أن يحبطنا حقًا. الحديث الذاتي السلبي هو شيء يختبره معظمنا من وقت لآخر، وهو يأتي في أشكال عديدة. كما أنه يخلق ضغطًا كبيرًا، ليس فقط لنا، ولكن لمن حولنا إذا لم نكن حذرين. إليك ما تحتاج إلى معرفته عن الحديث الذاتي السلبي وتأثيراته على جسمك، وعقلك، وحياتك، وأحبائك.
ما هو الحديث السلبي عن النفس؟
يمكن أن يتخذ الحديث الذاتي السلبي عدة أشكال، حيث يمكن أن يقول لك عقلك: ("أنا لست جيدًا في هذا، لذلك يجب أن أتجنب محاولة ذلك من أجل سلامتي الشخصية،") أو يمكن أن يكون كلامك لنفسك مُحبطاً مثل: ("لا يمكنني فعل أي شيء على الإطلاق!")، أو قد يبدو تقييماً لموقف واقعي مثل: ("حصلت على درجة سيئة في هذا الاختبار. أعتقد أنني لست جيدًا في الرياضيات.")، ولكن يمكن أن تتحول تلك الأفكار إلى صورة أكثر سلبية مثل: ("لن أتمكن أبدًا من الذهاب إلى كلية جيدة "). في الأساس، الحديث الذاتي السلبي هو أي حوار داخلي بينك وبين نفسك قد يحد من قدرتك على الإيمان بنفسك وقدراتك والوصول إلى إمكاناتك. فهو يتمحور حول أي فكرة تقلل من قدرتك على إحداث تغييرات إيجابية في حياتك أو ثقتك بنفسك. لذا، لا يمكن أن يكون الحديث الذاتي السلبي مرهقًا فحسب، بل يمكن أن يعيق نجاحك حقًا.
عواقب الحديث الذاتي السلبي
يمكن أن يؤثر الحديث السلبي عن الذات علينا بطريقة ضارة للغاية. وجدت إحدى الدراسات واسعة النطاق أن الاجترار واللوم الذاتي على الأحداث السلبية مرتبطان بزيادة خطر مشاكل الصحة العقلية. قد يؤدي التركيز على الأفكار السلبية إلى تقليل الدافع، بالإضافة إلى زيادة الشعور بالعجز. وقد تم ربط هذا النوع من الحوار الداخلي الحاسم بالاكتئاب، لذلك من المؤكد أنه شيء يجب إصلاحه. يميل أولئك الذين يجدون أنفسهم كثيرًا منخرطين في الحديث الذاتي السلبي إلى أن يكونوا أكثر ضغطًا، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى حقيقة شعورهم بأن ليس لديهم القدرة على الوصول إلى الأهداف التي حددوها لأنفسهم.
يمكن أن يؤدي الحديث الذاتي السلبي إلى انخفاض القدرة على رؤية الفرص، بالإضافة إلى ميل أقل للاستفادة من هذه الفرص. وهذا يعني أن الشعور المتزايد بالضغط يأتي من الإدراك والتغيرات في السلوك التي تأتي منه. يمكن أن تشمل النتائج الأخرى للحديث الذاتي السلبي ما يلي:
- التفكير المحدود: كلما أخبرت نفسك أكثر أنك لا تستطيع أن تفعل شيئًا، كلما صدقت ذلك.
- الكمالية: أنت تعتقد أن الكمال يمكن تحقيقه في الواقع. على النقيض من ذلك، يميل المنجزون المتفوقون إلى الأداء بشكل أفضل من الأشخاص المثاليين لأنهم بشكل عام أقل ضغطًا وسعداء بنتيجة عملهم، إنهم لا ينتقدون عملهم ويقومون بإنجاز المهمات بشكل فعلي دون السعي للكمال أو جلد الذات.
- مشاعر الاكتئاب: أظهرت بعض الأبحاث أن الحديث الذاتي السلبي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاعر الاكتئاب. وإذا تُركت دون رادع، فقد يكون هذا مدمرًا تمامًا.
- تحديات في العلاقات: سواء كان النقد الذاتي المستمر يجعلك تبدو محتاجًا إلى تشجيع الآخرين وتشعر دائماً بالإحباط، أو تحول حديثك السلبي إلى عادات سلبية تزعج الآخرين، يمكن أن تؤدي أفعالك هذه إلى العديد من الخسائر.
من العوائق الواضحة في الحديث الذاتي السلبي أنها ليست إيجابية. يبدو هذا تبسيطيًا، لكن الأبحاث أظهرت أن الحديث الذاتي الإيجابي هو مؤشر كبير للنجاح. على سبيل المثال، قارنت إحدى الدراسات عن الرياضيين أربعة أنواع مختلفة من الحديث الذاتي (تعليمي، تحفيزي، إيجابي، سلبي) ووجدت أن الحديث الذاتي الإيجابي كان أكبر مؤشر للنجاح. لم يكن الناس بحاجة إلى تذكير أنفسهم بكيفية القيام بشيء بقدر ما يحتاجون أن يقولوا لأنفسهم أنهم يفعلون شيئًا عظيمًا وأن الآخرين يلاحظونه أيضًا.
كيف تقلل من الحديث الذاتي السلبي؟
هناك العديد من الطرق لتقليل الحديث عن الذات بشكل سلبي في حياتك اليومية. تعمل تلك الطرق المختلفة بصورة مختلفة على حسب كل شخص، لذلك، جرب تلك الطرق واعرف أيها أكثر فعالية بالنسبة لك.
1- لاحظ نقدك لنفسك
تعلم أن تلاحظ عندما تكون ناقدًا لنفسك حتى تتمكن من البدء في التوقف. على سبيل المثال، لاحظ ما يقوله لك عقلك واسأل نفسك إذا كنت سوف تقول تلك الأشياء لصديق جيد أو لطفل.
2- تذكر أن أفكارك ومشاعرك ليست دوماً حقيقية
قد يبدو التفكير في أشياء سلبية عن نفسك وكأنها ملاحظات ذكية، ولكن لا يمكن اعتبار أفكارك ومشاعرك عن نفسك معلومات دقيقة. يمكن أن تكون أفكارك مشوهة مثل أفكار الآخرين، وتخضع للتحيز، وتتأثر بمزاجك.
3- امنح ناقدك الداخلي لقبًا
عندما تفكر في ناقدك الداخلي كقوة خارج نفسك، وتمنح تلك القوة لقبًا أحمقًا، فإنه من السهل إدراك أنه ليس عليك الموافقة على كل ما يقوله، ويصبح أيضاً هذا الصوت بداخلك أقل تهديدًا، ويكون من السهل رؤية مدى سخافة البعض من أفكارك النقدية.
4- قم باحتواء سلبيتك
إذا وجدت نفسك منخرطًا في الحديث الذاتي السلبي، فمن المفيد احتواء الضرر الذي يمكن أن يسببه صوتك الداخلي النقدي من خلال السماح له فقط بانتقاد أشياء معينة في حياتك، أو أن تكون سلبيًا لمدة ساعة فقط في يومك. هذا يضع حدًا لمدى السلبية التي يمكن أن تأتي من موقف واحد، أو على مدار اليوم.
5- غيّر السلبية إلى الحياد
عند الانخراط في الحديث الذاتي السلبي، قد يكون من الصعب أحيانًا إجبار نفسك على إيقاف هذا القطار الفكري من مساره. ولكن، غالبًا ما يكون تغيير لغتك لنفسك أسهل بكثير، فتتحول كلمة "لا يمكنني تحمل هذا" إلى "هذا أمر صعب،" وتتحول كلمة "أكره ..." إلى "لا أحب ..." أو حتى "لا أفضل ..." عندما يستخدم حديثك الذاتي لغة أكثر لطفًا، يتم كتم الكثير من قوته السلبية.
6- افحص ناقدك الداخلي
أحد الجوانب الضارة للحديث الذاتي السلبي هو أنه غالبًا ما يمر دون اعتراض. فإذا كان يحدث فقط في رأسك، فقد لا يكون الآخرون على دراية بما تقوله، وبالتالي لا يمكنهم إخبارك بمدى خطأك. من الأفضل أن تفحص حديثك السلبي عن نفسك، واسأل نفسك عن مدى صحته، فالغالبية العظمى من الحديث الذاتي السلبي هو مبالغة.
7- فكّر مثل صديق
عندما يكون ناقدنا الداخلي في أسوأ حالاته، يمكن أن يبدو أسوأ عدو لنا. غالبًا ما نقول لأنفسنا أشياء في رؤوسنا لا نقولها لصديق. لماذا لا تعكس هذا؟ عندما تمسك نفسك تتحدث بشكل سلبي في رأسك، تصور نفسك تقول هذا لصديق عزيز. إذا كنت تعلم أنك لن تقول ذلك بهذه الطريقة، فكر في الطريقة التي ستشارك بها أفكارك مع صديق جيد أو ما تريد أن يقوله لك صديق مقرب. هذه طريقة رائعة لتغيير حديثك الذاتي بشكل عام.
8- غيّر وجهة نظرك
في بعض الأحيان، قد يساعدك النظر إلى الأشياء التي تفكر فيها على المدى الطويل في إدراك أنك قد تركز بشكل كبير على شيء قد لا يكون بتلك الأهمية. على سبيل المثال، قد تسأل نفسك ما إذا كان شيئًا مزعجًا سيهم حقًا في غضون خمس سنوات أو حتى سنة واحدة. هناك طريقة أخرى لتغيير منظورك الخاص وهي أن تتخيل أنك تفشل وتنظر إلى مشاكلك من مسافة بعيدة. حتى التفكير في العالم ككرة أرضية وبنفسك كشخص صغير على هذا العالم يمكن أن يذكرك بأن معظم مخاوفك ليست كبيرة كما تبدو، يمكن أن يقلل ذلك غالبًا من السلبية، والخوف، والإلحاح في الحديث الذاتي السلبي.
9- قُل أفكارك بصوت عالٍ
في بعض الأحيان عندما تمسك بنفسك تفكر في أفكار سلبية، فإن قول تلك الأفكار بصوت عالٍ يمكن أن يساعد. غالبًا ما يؤدي إخبار صديق موثوق به بما تفكر فيه إلى إلقاء الضوء على مدى سخافة بعض حديثك السلبي عن الذات. في أحيان أخرى، يمكن لصديقك على الأقل تقديم الدعم. حتى أن تقول بعض عبارات الحديث الذاتي السلبية بصوت عالٍ لنفسك يمكن أن يذكرك بأنها غير معقولة وغير واقعية، وسيذكرك هذا بإعطاء نفسك استراحة من جلد الذات.
10- أوقف هذا التفكير
بالنسبة للبعض، قد يكون من السهل إيقاف الأفكار السلبية. يُعرف هذا باسم "توقف التفكير" ويمكن أن يحدث هذا ببساطة عن طريق التحول إلى فكرة أخرى عندما يدخل التفكير السلبي إلى عقلك. يمكن أن يكون هذا مفيدًا في الأفكار المتكررة أو الانتقادية للغاية مثل "أنا لست جيدًا" أو "لن أتمكن من فعل ذلك أبدًا" على سبيل المثال.

إن جلد الذات والحديث الذاتي السلبي يسلبان الإنسان من الراحة النفسية ويستبدلونها بالإحباط والاكتئاب. واحدة من أفضل الطرق لمكافحة الحديث الذاتي السلبي هي استبدال الأفكار السيئة بشيء أفضل. خذ فكرة سلبية وقم بتغييرها إلى شيء مشجع ومحفز لك. كرر ذلك حتى تجد سهولة في منع نفسك من التفكير بسلبية. ويعمل هذا بشكل جيد مع معظم العادات السيئة: على سبيل المثال، استبدال الأطعمة غير الصحية بأطعمة صحية. إنها طريقة رائعة لتطوير طريقة أكثر إيجابية للتفكير في نفسك وفي الحياة وتجنب الإرهاق النفسي المستمر.