
الكثير منّا لا ينفصل عن الشخص الآخر عندما يجب عليه ذلك لأسباب عديدة ومختلفة. البعض منّا يخشى أن يكون وحيدًا، فالكثير يقولون: "لقد استثمرت بالفعل الكثير من الوقت والجهد في هذه العلاقة، لا يمكنني أن أستسلم الآن." لكن معظمنا يتجاهل الإشارات التي تدل على أن العلاقة تنهار لأنه من الأسهل تصديق أن كل شيء على ما يرام، حتى الوقت الذي لا يصبح فيه الأمر كذلك.
معرفة متى يجب إنهاء العلاقة بالضبط هي مهمة صعبة. يعتمد الأمر على الأشخاص المعنيين وعلى الوضع الذي يعيشون فيه. ولكن هناك أدلة ثابتة إلى حد ما حول علامات انهيار العلاقة، التي اكتشفها الدكتور "جون جوتمان".
فرسان القيامة الأربعة
اكتشف دكتور "جون جوتمان" أربعة أنماط اتصال سلبية تثير كارثة لجميع العلاقات. وقد أطلق على تلك الأنماط اسم "فرسان القيامة الأربعة." ودعنا في هذه المقالة نلقي نظرة شاملة على كل نمط من هذه الأنماط:
1- النقد
يُعد الفارس الأول للتواصل أمر بالغ الأهمية وهو النقد. النقد يختلف عن الشكوى. إن النقد يتعلق بشخصية الشخص نفسه، وليس سلوكه.
وهنا الفرق بين الشكوى والنقد:
-
الشكوى: "أتمنى حقًا أن تساعدني في الأطباق. إنه عمل كثير أقوم به بنفسي بينما أنت تسترخي على الأريكة لمشاهدة التلفزيون، وأنا يجب أن أبقى مستيقظة ونظيفة."
-
النقد: "أنت مجرد شخص مغفل أناني. لا تفكر أبدًا في ما أشعر به أو كل العمل الذي أقوم به من أجلك."
كما أوضحنا، الفرق هو أن الأول يتعلق بسلوك معين والثاني يتعلق بالشريك كشخص. عندما يكون النقد موجودًا في العلاقة، فهذا لا يعني أنه محكوم عليها بالانهيار. فنحن من حين لآخر، عندما نكون غاضبين، يمكننا اللجوء إلى النقد. ولكن عندما تصبح الطريقة عدوانية وتكون هي الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها ربط جميع المشاكل مع بعضها البعض، فهناك إذًا مشكلة كبيرة. فإذا كنت تنتقد شريكك باستمرار أو تشعر بأن شريكك ينتقدك باستمرار، فعليك الانتباه حيث أنها مسألة وقت فقط قبل أن يتحول هذا السلوك إلى شيء أكثر سوءً. وفي هذه المرحلة قد تكون العلاقة قابلة للإنقاذ، ولكنها أيضًا علامة سيئة ويجب أن تجعلك تفكر فيما إذا كان الانفصال قد يكون خيارًا أفضل.
2- الدفاعية
الفارس الثاني هو الدفاع، وعادةً ما يكون ردًا على النقد. الدفاعية هي محاولة للدفاع عن النفس من هجوم محتمل بشكوى مضادة. يمكننا أن نكون دفاعيين من خلال نقل اللوم إلى المواقف الخارجية، ولكن في أغلب الأحيان نكون دفاعيين من خلال تحويل اللوم إلى الشريك الداعي للمساءلة.
وفيما يلي مثال على الرد الدفاعي:
-
الشكوى: "أشعر أن حياتنا أصبحت قديمة وروتينية بعض الشيء مؤخرًا، وأشعر أنكِ
لا تنتبهين حقًا لاحتياجاتي ورغباتي."
-
الرد الدفاعي: "حسنًا، إذا لم تزعجني بشأن الأطباق والتزاماتي المنزلية طوال الوقت، فربما كنت سأرغب في قضاء مزيد من الوقت معك وفعل أشياء جديدة."
بشكل عام، لا يحب البشر أن يُقال لهم أنهم يفعلون شيئًا خاطئًا أو يؤذون الآخرين. لدينا ميل لأن نرغب في التفكير جيدًا في أنفسنا، ومحادثات كهذه تهدد احترامنا لذاتنا. والدفاع هو في الحقيقة مجرد وسيلة لإعادة اللوم إلى شريكك. أنت تقول أن المشكلة ليست أنت، إنما هو. إن رفضك تحمل حتى ولو قدر ضئيل من المسؤولية عن دورك في الموقف يمكن أن يجعل شريكك يشعر بعدم الرؤية وأنه غير مسموع.
كونك دفاعيًا دائمًا في العلاقة هو علامة سيئة. هذا يعني أن الشريك الدفاعي ليس على استعداد للنظر في سلوكه وتعديله لوقف أي شيء يضر بالشريك الآخر. ويعني أيضًا أن الشريك الدفاعي يتعامل مع الآخر على أنه مجرد آداة لتلبية احتياجاته وليس شخصًا كاملًا لديه احتياجات، ومشاعر، وأفكار خاصة به. فإذا كان شريكك يتفاعل بشكل دفاعي تجاهك (وأنت تقوم بالمثل تجاهه،) فقد يكون الوقت قد حان لإلقاء نظرة فاحصة على علاقتك. وربما قد يكون الوقت حان لإنهاء كل شئ.
3- الاحتقار
الفارس الثالث هو الاحتقار. نحن نُظهر الاحتقار عندما نعامل الآخرين بعدم احترام. يمكن التعبير عن الاحتقار بالعديد من الطرق المختلفة. عندما نوجه إهانة للآخرين، فإننا نستخدم السخرية، أو التهكم، أو لف أعيننا. نسميهم بأسماء معينة أو نسخر من شخصهم. الغرض من هذا السلوك هو تقليص الآخر، وجعله يشعر بأنه لا قيمة له. فإذا تم التعامل معك بازدراء من قبل، فأنت تعرف مدى ألم هذا الشعور. ومعاملة الشريك باحتقار يُظهر أنه لا يوجد احترام له، أو لمشاعره، أو حتى احتياجاته.
عندما يكون الازدراء موجودًا في العلاقة، فإن هذا يُعد علامة حمراء كبيرة. وهذا يعني أن الشركاء توقفوا عن احترام بعضهم البعض ويحاولون الآن فقط تأكيد الهيمنة داخل العلاقة. لم يعد هناك إلا القليل من الحب أو الاحترام، وستزداد العداوة والاستياء مع الوقت. إذا كنت تُعامل بهذه الطريقة، فربما يكون هذا توضيح جيد جدًا لأن شريكك لم يعد يهتم بك. وإذا كنت تعامل شريكك بازدراء، اسأل نفسك لماذا لا تزال معه؟ إذا لم يكن هناك احترام بين الشركاء، فلن تكون هناك فرصة تُذكر لإنقاذ العلاقة.
4- المماطلة
آخر الفرسان الأربعة هو المماطلة، وهو السلوك الأكثر ضررًا للانخراط فيه. تمامًا مثلما كان الدفاع رد فعل على النقد، فإن المماطلة عادةً ما تكون ردًا على الازدراء. عندما تظهر المماطلة في العلاقة، فإن التواصل ينهار بشكل أساسي. تحدث المماطلة عندما يتجنب المستمع التواصل البصري، أو ينسحب، أو يتوقف ببساطة عن الاستجابة لشريكه.
عندما تصل العلاقة إلى مرحلة المماطلة، يكون من الصعب جدًا (وإن لم يكن من المستحيل) التعافي. ولكن يجب أن يكون ذلك علامة قوية جدًا أنه ربما حان الوقت للمضي قدمًا في حياتك بدون الشريك الآخر. فهذا هو الشعور عندما تُفضّل أن تفعل أي شيء آخر غير المحادثة. تتحدث فقط عند الضرورة القصوى، وتُقابل أي قُرب إلى نقاطك الأكثر ضعفًا بالهروب السريع أو الصمت.
الشيء المهم الذي يجب تذكره هو أن جميع الأزواج ينخرطون في النقد، والدفاع، والاحتقار، والمماطلة في بعض الأحيان. لكن استخدام واحد أو أكثر من هذه السلوكيات باستمرار هو علامة أكيدة على أن هناك شيئًا ما ليس على ما يرام في علاقتك. وبالطبع، إذا كنتما على استعداد للقيام بمزيد من المجهود، فقد يتمكن معالج الأزواج من مساعدتكم على التوقف عن استخدام استراتيجيات التواصل هذه وإعطائكم الأدوات اللازمة للتعبير عن عواطفكم بشكل فعال. في النهاية، كل شخص هو أفضل حكم على علاقته ووضعه.