ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

 

اكتئاب ما بعد الولادة هو نوع من الاكتئاب الذي يحدث للأمهات الجديدة بعد الولادة بأسابيع قليلة. إنه أكثر خطورة من "الاكتئاب الموسمي" لأنه يمكن أن يتداخل ويؤثر مع قدرة الأم الجديدة على الاهتمام بطفلها. من المهم جدًا للأمهات الجدد وأفراد الأسرة أن يبحثوا عن علامات اكتئاب ما بعد الولادة. إنه قابل للعلاج ويمكن أن يكون التدخل المبكر مفتاحًا لمساعدة الأمهات على الشعور بالتحسن في أسرع وقت ممكن.

الأعراض

من الطبيعي تمامًا أن تشعر الأمهات الجدد بالتعب وتقلب المزاج أو الإرهاق بعد الولادة. ولكن عندما تتداخل هذه الأعراض مع قدرة الأم الجديدة على العمل ورعاية طفلها الجديد، فقد يكون ذلك علامة على اكتئاب ما بعد الولادة. تختلف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة من شخص لآخر. وقد تتقلب على أساس يومي. بشكل عام، إليك بعض الأعراض التي تعاني منها الأمهات المصابات بهذه الحالة:


  • البكاء ومشاعر الحزن غير المبررة
  •  الإرهاق بعد عدم القدرة على النوم
  •  الأكل القليل جدًا أو الكثير
  •  الأوجاع والآلام غير المبررة
  •  تغيرات مفاجئة في المزاج
  •  الشعور بالانفصال عن المولود الجديد والشعور بالذنب من عدم الشعور بالفرح
  •  صعوبة اتخاذ القرارات
  •  عدم الاهتمام بالأنشطة التي سبق الاستمتاع بها
  •  التهيج، والقلق، والغضب الخارج عن السيطرة
  •  صعوبة في التركيز وإتمام المهام وتذكر الأشياء
  •  مشاعر اليأس والعجز
  •  أفكار حول إيذاء النفس أو إيذاء الطفل

تظهر الأعراض عادة في غضون أسابيع قليلة من الولادة، لكنها قد لا تظهر إلا بعد شهور. في بعض الأحيان تهدأ مؤقتًا، ثم تعود إلى الظهور.

التشخيص

يمكن للطبيب أو أخصائي الصحة العقلية تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة. سيتم إجراء هذا التشخيص بعد مقابلة الأم وتقييم حالتها. يسأل العديد من الأطباء بشكل روتيني الأمهات الجدد أسئلة حول ما إذا كانت لديهم أفكار لإيذاء أنفسهم أو أطفالهم وما إذا كانوا يشعروا بالإحباط. هذا جزء من عملية فحص اكتئاب ما بعد الولادة. قد يجري الأطباء بعض الاختبارات لاستبعاد أي مشاكل صحية قد تساهم في ظهور الأعراض. فأمراض الغدة الدرقية، على سبيل المثال، يمكن أن تسبب الاكتئاب. بمجرد استبعاد مشكلات الصحة البدنية، يمكن إجراء تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة إذا تم استيفاء المعايير.

العلاج 

قد يشمل علاج اكتئاب ما بعد الولادة الأدوية، أو العلاج النفسي، أو مزيج من الاثنين معًا. عادة ما تُوصَف مضادات الاكتئاب لعلاجه، لأنها تنظم المواد الكيميائية التي تدير العواطف في المخ. ولكن قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع حتى تصبح سارية المفعول. وأحيانًا لا يعمل مضاد الاكتئاب، لذلك قد تتم تجربة دواء جديد. من الآمن تناول بعض مضادات الاكتئاب إذا كنت ترضعين طفلك، لكن البعض الآخر ليس كذلك. سيناقش طبيبك خيارات العلاج معك بالإضافة إلى أي آثار جانبية قد تواجهينها. قد يحيلك طبيبك إلى معالج أيضًا. يمكن أن يساعدك أخصائي الصحة العقلية في العثور على طرق صحية للتعامل مع التوتر بالإضافة إلى استراتيجيات للتعامل مع الاكتئاب أثناء رعاية نفسك وطفلك.  

الأسباب

يصيب اكتئاب ما بعد الولادة ما يصل إلى ١٥٪؜ من الأمهات. في حين أن جميع أسباب إصابة بعض الأمهات باكتئاب ما بعد الولادة والبعض الآخر لا غير معروفة تمامًا، فقد يكون اكتئاب ما بعد الولادة مرتبطًا بالحساسية للتقلبات الهرمونية. النساء اللواتي عانين من هذه الحالة من قبل أكثر عرضة للإصابة به مرة أخرى بعد ولادة طفل آخر. يمكن أن تؤدي التقلبات الطبيعية في مستويات الهرمونات أثناء الحمل وبعد الولادة إلى تغيرات في أنماط النوم. ويمكن أن تساهم هذه الانقطاعات في النوم في ظهور اكتئاب ما بعد الولادة. وجدت إحدى الدراسات أن صعوبة النوم خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة يمكن أن تكون عامل خطر.

من المهم طلب العلاج من اكتئاب ما بعد الولادة، فبدون علاج، يمكن أن تتفاقم الأعراض. بالإضافة إلى المعاناة من الألم العاطفي، فإن النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة أكثر عرضة للانتحار، وفي الحالات القصوى، قد تؤذي النساء المصابات بهذه الحالة أطفالهن. هناك أيضًا خطر أكبر من أن الأمهات المصابات باكتئاب ما بعد الولادة قد يكافحن لتكوين روابط صحية مع أطفالهن. يمكن أن يكون لذلك عواقب طويلة المدى على الأطفال والأسر. ويمكن أن يؤثر هذا على علاقة الزوجين أيضًا. قد يجد بعض الناس أن الأعراض تختفي من تلقاء نفسها. وقد يتم التخلص من أعراض الآخرين بالأدوية، أو العلاج النفسي، أو مزيج من الاثنين. تشعر معظم الأمهات بالتحسن بعد حوالي ستة أشهر من العلاج.


التأقلم

قد يكون الوصول إلى الآخرين للحصول على المساعدة أمرًا صعبًا، ولكنه مهم جدًا عند التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة. تشعر العديد من الأمهات الجدد بالحرج الشديد أو بالذنب لإخبار أي شخص بأنهن يكافحن. لكن اكتئاب ما بعد الولادة يمكن أن يحدث لأي شخص. لذلك من المهم أن تتذكري أنها ليست علامة ضعف، ولا تعتبر دليلًا على أنكِ أم سيئة. قد تحتاجين طلب المساعدة من شخص لمراقبة الطفل حتى تتمكنين من أخذ قيلولة، أو قد تحتاجين إلى مشاركة شريكك بما تشعرين، وبالأشياء التي تظنين أنها قد تكون مفيدة لحالتك النفسية ولطفلك الآن.

من المهم أيضاً العمل على الاهتمام بنفسك عند التعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة. بالطبع، قد يكون هذا صعبًا عندما تعتنين بطفلك الجديد أيضًا في نفس الوقت. لكن تناول نظام غذائي متوازن، وممارسة القليل من التمارين (بمجرد أن يقول طبيبك أنه لا بأس بذلك)، والحصول على قسط كافٍ من الراحة يمكن أن يساعدك على الشعور بالتحسن. يمكن أن يساعد أيضًا الانضمام إلى مجموعة دعم للأمهات الجدد، فمن المحتمل أن تجدي أن العديد منهن يعانين (أو عانين من) اكتئاب ما بعد الولادة أيضًا.




إذا كنتِ تعتقدين أنك تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، فتحدثي إلى طبيبك على الفور. شاركيه أعراضك وتحدثِ عن مخاوفك - على الرغم من أنه قد يكون من الصعب فعل ذلك. يمكن لطبيبك مساعدتك في الحصول على العلاج الذي تحتاجينه لتشعري بتحسن. وفي حالة أنك قلقة من احتمال إصابة أحد أفراد أسرتك باكتئاب ما بعد الولادة، فاستشيري طبيب عن هذه الحالة، واعرضِ مساعدة عملية أو دعمًا عاطفيًا إذا كنتِ قادرة على القيام بذلك.

في الأخبار