٥ دروس تتعلمها من أخطائك

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

لا أحد يحب ارتكاب الأخطاء، وهذا طبيعي. عندما كنا صغارًا، كانت الأخطاء أمرًا لا يمكن قبوله. وعندما أصبحنا بالغين، ظل الشعور بالخوف المرتبط بارتكاب الأخطاء قائمًا معنا وأصبح محفورًا بداخلنا. لكن الفشل يمكن أن يكون مفيدًا ولا يجب حماية أنفسنا منه. يمكن لأولئك الذين يمكنهم احتضان الأخطاء والاعتراف بها، أن يجدوا أساسًا جوهريًا ونموًا شخصيًا هائلًا. فغالبًا ما يتم تعريف الفشل كخطوة حاسمة في طريق النجاح في نهاية المطاف. من يحققون أحلامهم هم أولئك الذين يعرفون كيف يتعلمون من أخطائهم، وليس الأشخاص الذين لا يخطئون أبدًا.

إذا بدا الموقف معقدًا، أصلح شيئًا واحدًا، ثم استمر في إجراء التعديلات، وسوف تجد أن التخلص من نوع واحد من الأخطاء يمنحك الوضوح للتعرف على كيفية التعامل مع المشكلات الأخرى وتصحيحها. انظر إلى نتائجك، ولاحظ ما يحدث عندما ترتكب أخطاءً وتتخذ الإجراءات الصحيحة، ربما لن تتوقف عن ارتكاب الأخطاء، لكن تلك الإخفاقات لن تزعجك كثيرًا لأنك سوف تستمر في التعلم كلما نضجت وكلما أخطأت. فيما يلي ٥ أشياء تتعلمها بارتكاب الأخطاء:


1- تزيد من بصيرتك


أخطائنا تجعلنا نولي المزيد من الاهتمام لأفعالنا، وتبين لنا أننا بحاجة إلى إصلاح شيء خاطئ؛ سواء كان ذلك في حياتنا الشخصية أو في حياتنا المهنية. ومع ذلك، فإن التركيز على المشكلة سيُشعرنا باليأس. كل ما علينا فعله هو تحديد سبب المشكلة، وكيف يمكن حلها. عادةً، يمكننا أن نجد أننا ارتكبنا أخطاء بسبب قرار سيئ أو قد نجد شيء آخر يعترض طريقنا بسبب فعل ارتكبناه. بمجرد أن نتمكن من تحديد الخطأ، يجب أن نبدأ في التركيز على حل مناسب. إذا كان الخطأ في حياتنا المهنية، فيمكننا زيادة مهارات العمل، أو تعلم تنفيذ المشاريع بمنظور مختلف، أو تغيير المسارات الوظيفية التي نتبعها عادةً. لا بأس في وجود ثغرات في الطريقة التي نتصرف بها لأن بارتكاب الأخطاء، سيكون لدينا المزيد من الدقة والبصيرة في أي مشاكل نواجهها في المستقبل.


2- لا تحدد هويتك


كثير منا يحط من قدره ويلوم نفسه عند ارتكاب الأخطاء. لكن، لا تجعل ارتكاب خطأ ما يحدد هويتك. تعامل مع الفشل على أنه شيء منفصل عنك كشخص. قالت أليس آن هولاند، أخصائية علم النفس العصبي في دالاس، أن الشعور بالذنب يؤذي صاحبه بشدة. فإن إغراق نفسك بمشاعر الكراهية والذنب لفترة طويلة سيبقيك معلقًا في الحياة وغير قادر على المضي قدمًا. ومع ذلك، فإن تحرير نفسك من خلال عدم السماح للأخطاء بالسيطرة عليك، سيساعدك على تحقيق الاستقلال. الهوس بالخطأ لن يغير النتيجة، بل سيعجّز الشخص عن المضي قدمًا. عليك أن تتصالح مع الأخطاء، وتقول "لن أترك هذا يهزمني" أو "أنا سوف أمضي في حياتي واستمر للأمام."


3- تجعلك تواجه نفسك


يجب أن تكون على استعداد لمواجهة نفسك بعد ارتكاب أي خطأ. يمكننا تحويل اللوم إلى الشعور بالرضا وقبول النفس، لكن الدخول في حالة إنكار يربطك بالغضب من نفسك. تحتاج إلى السماح لعواطفك بالإفراج عنك والاعتراف بأنك كنت مخطئًا، فنحن يمكن أن نشعر بالإرهاق من مشاعرنا المكبوتة في اللاوعي عندما نتمسك بالعداء تجاه أنفسنا. إذا كان غضبنا يعيق الطريق، فقد حان الوقت للتخلي عنه.


4- تسمح لك بتشجيع الآخرين


لقد ذكرنا أنك يجب أن تكون صادقًا مع نفسك، لكن الاعتراف بأخطائك لشخص آخر يشجع الأشخاص الذين يواجهون صعوبات مع أخطائهم ويعطيهم أمل. فشل توماس إديسون عشرة آلاف مرة أثناء اختراعه المصباح الكهربائي وألهم خطأه الكثير من الناس ليصبحوا مخترعين. وقد قال في مرة: "لقد وجدت بعشرة آلاف طريقة أن شيئًا ما لن يعمل، ولكني لست محبطًا لأن كل محاولة خاطئة هي خطوة أخرى إلى الأمام." وانظر إلى المذيعة الناجحة أوبرا وينفري التي تتحدث بانتظام عن نضالها في بداية حياتها المهنية والأخطاء التي ارتكبتها. قالت: "تعلّم من كل خطأ، لأن الأخطاء موجودة لتعليمك وإجبارك على أن تكون شخصًا أفضل مما أنت عليه." يمكن لأخطائك أن تجعل الناس يرغبون في العيش بشكل أفضل وتشجعهم، فلا بأس أن تفشل في هذه العملية.


5- تُعلمك درسًا


خذ خطوة للوراء وانظر إلى الصورة الأكبر لأننا عندما ننظر عن كثب إلى شيء ما، فإننا قد نُفوت التفاصيل في بعض الأحيان، فهناك دائمًا شيء ذي قيمة يمكن استخلاصه من الخطأ. ربما أسأت إلى صحتك وتعلمت أن الوقت قد حان لبدء عيش نمط حياة أكثر صحة. أو ربما جعلت العمل أكثر أهمية من أسرتك، وأنت الآن تشعر بالندم وتلوم نفسك على ذلك. تساعدك أخطائك في إعادتك إلى الواقع والسماح لك بأن تصبح أكثر تماسكًا وتصحيح تلك الأخطاء. إذا كنت تريد إفساح المجال لسعادتك الشخصية، فابحث عن الدرس الذي يمكن استخراجه من هذا الخطأ وصحح مسارك. فنحن نحتاج أحيانًا إلى إجبار أنفسنا على الابتعاد عن الأشياء التي لم تعد تخدمنا، أو التي تؤثر سلباً علينا. قد يعيد هذا إلهامك للمضي قدمًا من أخطائك، وحتى ربما تصنع السلام مع نفسك.

وأهم درس يجب عليك تعلمه، هو التوقف عن التذمر. تخلص من احباطاتك بسبب أي أخطاء ارتكبتها، لكن توقف عن الشكوى من نتائج أخطائك. كلما زادت شكواك من الحوادث المؤسفة، لن تتحرر من فخ الكمال. فالشكوى المستمرة تؤثر على سعادتك ورضاك عن حياتك، لذا فالأمر لا يستحق ذلك. بدلاً من التذمر، اصنع قائمة بما هو جيد في حياتك، ولاحظ تغير مزاجك نحو الأفضل.


لا يجب أن تتصيد لنفسك الأخطاء، أو تلوم نفسك على كل فشل. فالحياة تحتاج للخطأ والفشل من أجل التطور. يمكنك أن تصبح أقوى وأفضل وأن تتعلم أننا جميعًا بحاجة إلى تحمل مسؤولية اختياراتنا والتعلّم منها. بمجرد أن تتعلم كيف تتقبل أخطائك بالتوازن واحترام الذات، يمكن استخدامها كنقطة انطلاق لحياة أكثر سعادة واسترخاء.

في الأخبار