
يمكن أن يؤثر السلوك الدفاعي على شخصيتنا، وقدرتنا على اتخاذ القرارات، وردود أفعالنا. والسلوك الدفاعي قد يقضي على علاقتنا ونحن لا ندرك ذلك. "ماذا؟ أنا دفاعيًا؟ أنا لست دفاعيًا! أنت الشخص الدفاعي دائمًا!" هذا رد دفاعي كلاسيكي لأي شخص تحاول أن تعطيه أي ملاحظة بخصوص سلوكه. حيث سيقوم هذا الشخص باتهام الطرف الآخر بنفس الشيء. المحزن هو أن الكثير منا يرد بشكل دفاعي دون حتى التفكير في الأمر أو في عواقبه. في كتابها، "عقل خاص بنفسه: كيف يتشوه عقلك ويقوم بخداعك"، تشير كورديليا فاين إلى أننا نعتقد أن سلوك الآخرين السيئ تجاهنا متعمد، لكننا نرفض الاعتراف بسلوكنا السيئ باعتباره غير مقصود، أو خطأ، أو لا مفر منه بسبب ظروف خارجة عن إرادتنا. هذا يسمح لنا بالشعور بالتفوق الأخلاقي على الشخص الآخر بينما نحمي ذاتنا في نفس الوقت من احتمال أننا قد نكون في الواقع مخطئين.
أسباب الدفاعية
يتفاعل الناس بشكل دفاعي لأنهم يتوقعون أو يدركون وجود تهديد في الكلام الموجه لهم، ليس لأنهم يريدون فقط أن يتصرفوا بذلك الشكل. لسوء الحظ، يخلق السلوك الدفاعي دورة متبادلة. فعندما يتصرف أحد الطرفين بشكل دفاعي، هذا يجعل الطرف الآخر يرد أيضًا بشكل دفاعي، مما يؤدي بدوره إلى رفع مستوى الرد الدفاعي من الطرف الآخر، وهكذا. يمكن أن يكون السلوك الدفاعي قضية معقدة وغامضة. فبالنسبة للعديد من الأشخاص، تنبع أنماطهم السلوكية من مشاكل نفسية، أو ميول عاطفية، أو عقلية، أو شخصية، تطورت على مدار حياتهم مثل مشاعر الدونية، أو تدني احترام الذات، أو النرجسية، إلخ.
إلى جانب العوامل العقلية والعاطفية، هناك أنواع من السلوكيات التي تجعل الأشخاص يستجيبون بشكل دفاعي. يحدد خبير الاتصالات الدفاعية، جاك جيبس، ست فئات سلوكية تخلق ردود فعل دفاعية لدى الناس:
- الحزم: في هذه الحالة، أي نقاش مع هذا الشخص ينتهي بـ "أنا محق وأنت مخطئ"، سوف يؤدي إلى مزيد من الصراع، وهذا يجعل الأشخاص يتفاعلون بشكل دفاعي في النقاش.
- عدم الاعتراف بالخطأ: يؤدي تحويل اللوم على الشخص الآخر، واختلاق الأعذار للتنصل من أي خطأ، وتبرير السلوك، إلى رفع مستويات دفاع الشخص.
- السيطرة/التلاعب: استخدام كل أنواع السلوكيات للسيطرة على الناس أو التلاعب بهم سيؤدي إلى سلوك دفاعي. لا أحد يحب أن يشعر وكأنه يتم استخدامه من قِبَل شخص آخر.
- إخفاء المعلومات: عندما يشعر الناس بأنهم مُستبعدون عن قصد، أو يتم منعهم من الحصول على معلومات يجب أن يعرفوها، فإنهم بهذا الشكل يشعرون بالتهديد وسوف يتصرفون بشكل دفاعي.
- النقد: النقد المستمر والحرص على الإمساك بالأشخاص الذين يفعلون شيئًا خاطئًا فقط من أجل لومهم يخلق مناخًا من الدفاعية.
كيفية التعامل مع السلوك الدفاعي الخاص بك وسلوك الآخرين
قد يكون التعامل مع السلوك الدفاعي معقدًا ومرهقًا لأنه من الصعب حث شخص ما للتوقف عن سلوكه أو طريقة تفاعله مع موقف ما. وكما ذكرنا سابقًا، فإن دفاعية بعض الناس متجذرة بعمق في أنماطهم السلوكية بحيث لا توجد فرصة واقعية لتغييرهم بشكل دائم. ومع ذلك، هناك بعض الاستراتيجيات المفيدة التي يمكننا استخدامها للتعامل مع سلوكنا الدفاعي وسلوك الآخرين:
- إعادة صياغة السلوك: بدلاً من تصنيف السلوك الدفاعي لشخص ما بأنه سيئ، افهم شخصيته ولماذا يتصرف بهذا الشكل. بمجرد أن تفهم أنه يتصرف بشكل دفاعي، يمكنك بعد ذلك استكشاف سبب شعور الشخص بالتهديد والعمل على معالجة هذا الشعور. أحد الأسباب التي تجعلنا نشعر بالإحباط الشديد أثناء التعامل مع الأشخاص الدفاعيين هو أننا نحاول التعامل مع السلوك دون معالجة التهديد الذي يسبب السلوك.
- تقليل الخطر: بمجرد تحديد التهديدات التي تسبب السلوك الدفاعي، اعمل على تقليل الخطر المتصور للشخص الآخر. كن معتدلاً في نبرة صوتك، ومتوازنًا في تصرفاتك، وتعاطف مع مخاوفهم، وكُن محترمًا، واستجب بطريقة غير دفاعية لتجنب زيادة التوتر بينكما.
- تطوير الوعي الذاتي والذكاء العاطفي: الوعي الذاتي هو أساس الذكاء العاطفي. من خلال تحسين الذات والتدريب على سلوك أفضل، سوف تستكشف أسباب سلوكك الدفاعي. ما هي المحفزات التي تجعلك تشعر بالتهديد؟ إن الحصول على فهم أفضل لنفسك، لن يساعدك فقط على تنظيم سلوكك، بل سيعطيك نظرة ثاقبة أفضل لسلوك الآخرين أيضًا.
- استبدل التعليقات السلبية بالمساعدة: إذا كان عليك التعامل بانتظام مع شخص يتفاعل بشكل دفاعي، فمن المحتمل أنك لاحظت أن أقل قدر من التعليقات السلبية يثيره. حاول استبدال التعليقات السلبية بسؤال أو عرض للمساعدة. على سبيل المثال، بدلاً من قول: "لقد أخطأت في هذا الشيء"، أعد صياغة كلامك بقول: "ما سبب فعلك لهذا الشيء، أو هل يمكنني مساعدتك في حل ذلك؟" تذكر أن الشخص يتصرف بشكل دفاعي لأنه يتصور وجود تهديد. لذلك، حاول أن تتصرف بشكل يريحه.
- الانتقال من الحزم إلى الانفتاح: كلما قل شعور الناس بأنهم محاصرون أو أنهم دومًا يتعرضون للنقد، قل شعورهم بالتهديد وتصرفهم بشكل دفاعي. لذلك، إذا تعاملت مع الموقف بروح رياضية وبانفتاح، بدلًا من توجيه النقد أو إلقاء اللوم، فستحصل على استجابة أكثر انفتاحًا من الطرف الآخر.

الدفاعية تدمر العلاقات بعدة طرق، فإنها تخلق مناخًا من الخلاف والتوتر، يؤدي في النهاية إلى فقدان الثقة بين الطرفين، والجدال المستمر، والانفصال. إن الانفتاح في النقاشات يخلق جوًا من الحرية، والنمو، والاحترام، والثقة بين الأشخاص. إن تحديد جذور الدفاعية وأسبابها في العلاقة والعمل على معالجة هذه المشكلات وإزالتها، يساعدان في تحسين جودة العلاقة. من المهم أيضًا أن تعرف الوقت المناسب لإخراج نفسك من موقف قد يؤدي بك إلى التصرف بشكل دفاعي. سيمنع ذلك تصعيد الجدال بينك وبين الطرف الآخر، وسيمنعك من فعل أو قول شيء قد تندم عليه لاحقًا.