٥ نصائح مفيدة لتحسين تركيزك

الدكتورة هبه الزعبي

الدكتورة هبه الزعبي

طبيبة

قد يكون الاستمرار في التركيز على مهمة ما أمرًا صعبًا، وخصوصًا عندما تكون محاطًا بمصادر إلهاء وتشتيت بشكل مستمر. وفي عالمنا الحديث المتصل بالإنترنت دائمًا، فإنك حتى في اللحظات الهادئة، تجد نفسك مشتتًا؛ لإن الإلهاء فعليًا يكون في متناول يدك حيث تجد نفسك تتحقق من إشعارات Instagram أو آخر تحديثات الأخبار.


تعد القدرة على التركيز على شيء ما في بيئتك وتوجيه الجهد الذهني تجاهه أمرًا بالغ الأهمية؛ لتعلم أشياء جديدة، وتحقيق الأهداف، والأداء الجيد عبر مجموعة متنوعة من المواقف. سواء كنت تحاول إنهاء تقرير في العمل أو تتنافس في رياضة ما، فإن قدرتك على التركيز يمكن أن تحدث فارقًا في نجاحك من عدمه.

 

إن فكرة التركيز تشبه إلى حد كبير العضلات. كلما عملت على بنائه وتغذيته، كلما أصبح أقوى. يمكن تحسين تركيزك الذهني، لكن هذا لا يعني أن هذه العملية ستكون سريعة وسهلة. حيث أنه لو كان الأمر بسيطًا، لكنا حصلنا جميعًا على التركيز الحاد لعباقرة الرياضيات. سوف يتطلب الأمر بعض الجهد الحقيقي من جانبك، وقد تضطر إلى إجراء بعض التغييرات على بعض عاداتك اليومية. وفيما يلي بعض النصائح والحيل من علم النفس التي يمكن أن تساعدك على تطوير التركيز الذهني:

 

1- قيّم تركيزك العقلي

 

قبل أن تبدأ في العمل على تحسين تركيزك العقلي، قد ترغب في البدء بتقييم مدى قوة تركيزك في الوقت الحالي. فإن تركيزك يعتبر جيدًا إذا كنت:

 

  • تجد أنه من السهل البقاء في حالة تأهب ذهني.
  • تحدد الأهداف وتقسم المهام إلى أجزاء أصغر.
  • تأخذ فترات راحة قصيرة ثم تعود إلى العمل مرة أخرى.

 

تركيزك يحتاج إلى التحسُن إذا كنت:

 

  • تحلم أحلام يقظة بانتظام.
  • لا يمكنك التخلص من المشتتات.
  • تفقد مسار التقدم في مهمة ما.

 

إذا كانت المجموعة الأولى من العبارات أقرب إلى أسلوبك، فمن المحتمل أن تكون لديك بالفعل مهارات تركيز جيدة إلى حد ما، ولكن يمكنك أن تكون أقوى مع القليل من التدريب. أما إذا كنت قريبًا أكثر إلى المجموعة الثانية من العبارات، فربما تحتاج إلى العمل على تركيزك العقلي. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن ممارسة بعض العادات الجيدة وإدراك قابليتك للتشتت يمكن أن يساعدك.

 

2- تخلص من المشتتات

 

على الرغم من أن الأمر قد يبدو واضحًا، إلا أن الناس غالبًا ما يستخفون بعدد عوامل التشتيت وقدرتها على منعهم من التركيز على المهمة التي يقومون بها. قد تأتي مثل هذه العوامل في شكل صوت صاخب في الخلفية، أو ربما تكون في شكل زميل عمل يأتي باستمرار إلى مكتبك للتحدث.

 

إن تقليل مصادر الإلهاء ليس دائمًا بالسهولة التي يبدو عليها. فعلى الرغم من أن الأمر قد يكون بسيطًا، مثل إيقاف تشغيل التلفزيون أو الراديو، إلا أنك قد تجد تحدي أكبر في السيطرة على زميل العمل، أو شريكك في السكن، أو طفلك. تتمثل إحدى طرق التعامل مع عوامل التشتيت المختلفة في تخصيص وقت ومكان محددين وطلب تركك بمفردك للفترة التي تحتاجها للتركيز. هناك بديل آخر، وهو البحث عن مكان هادئ تعرف فيه أنك ستتمكن من العمل دون إزعاج. قد تكون غرفة خاصة بك في منزلك أو المقهى الهادئ المفضل لديك، فكلها أماكن جيدة للتجربة.

 

ليست كل المشتتات تأتي من مصادر خارجية. قد يكون من الصعب تجنب الإرهاق، والقلق، والاضطرابات الداخلية الأخرى. بعض الاستراتيجيات التي قد ترغب في تجربتها لمحاولة التقليل أو التخلص من المشتتات الداخلية، هي التأكد من أنك مرتاح قبل المهمة ومحاولة التفكير بشكل إيجابي؛ لمحاربة القلق. إذا وجدت أن عقلك يتجول نحو الأفكار المشتتة، انتبه وركز على إعادة تركيزك إلى المهمة التي تقوم بها.

 

3- قم بالحد من تركيزك

 

في حين أن تعدد المهام قد يبدو طريقة رائعة لإنجاز الكثير بسرعة، إلا أنه قد اتضح أن الناس سيئون إلى حد ما في ذلك. يمكن أن يؤدي الجمع بين المهام المتعددة في وقت واحد إلى تقليل الإنتاجية بشكل كبير، ويجعل من الصعب التركيز على التفاصيل المهمة.

 

فكر في انتباهك كضوء موضعي. إذا قمت بتسليط قدر من الضوء على منطقة معينة، يمكنك رؤية الأشياء بوضوح شديد. أما إذا كنت تحاول نشر نفس القدر من الضوء عبر غرفة مظلمة كبيرة، فلن تتمكن من رؤية وملاحظة جميع التفاصيل بوضوح كالسابق. يتعلق جزء من تحسين تركيزك الذهني بالاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لديك. توقف عن الجمع بين المهام، وبدلًا من ذلك أعط انتباهك الكامل لشيء واحد في المرة الواحدة.

 

4- عش اللحظة

 

من الصعب أن يظل تركيزك جيدًا عندما تفكر في الماضي، أو تقلق بشأن المستقبل. ربما سمعت أشخاصًا يتحدثون عن أهمية "عيش اللحظة". الأمر كله يتعلق بإبعاد المشتتات، سواء كانت مادية، مثل هاتفك المحمول، أو نفسية، مثل مخاوفك، والانخراط الذهني الكامل في اللحظة الحالية.

 

فكرة عيش اللحظة ضرورية أيضًا لاستعادة تركيزك العقلي. إن الاستمرار في التركيز على الوقت الحالي، يحافظ على انتباهك حادًا ويساعد مواردك العقلية على الاهتمام بالتفاصيل التي تهم حقًا. قد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن اعمل على تعلم كيفية عيش اللحظة. حيث أنه لا يمكنك تغيير الماضي والتنبؤ بشأن المستقبل الذي لم يأتي بعد، ولكن ما تفعله اليوم يمكن أن يساعدك على تجنب تكرار أخطاء الماضي وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر نجاحًا.

 

5- خذ استراحة قصيرة

 

هل حاولت من قبل التركيز على نفس الشيء لفترة طويلة من الزمن؟ بعد فترة من الاستمرار في هذا الفعل، يبدأ تركيزك في الانهيار ويصبح من الصعب أكثر تكريس مواردك العقلية لهذه المهمة. ليس هذا فقط، ولكن أداؤك سيتضرر في النهاية نتيجة لذلك. اقترحت التفسيرات التقليدية في علم النفس أن هذا يرجع إلى استنفاد موارد الانتباه لديك. لكن بعض الباحثين يعتقدون أن الأمر يتعلق أكثر بميل الدماغ لتجاهل مصادر التحفيز المستمر.

 

وجد الباحثون أنه حتى أخذ فترات راحة قصيرة جدًا عن طريق تحويل انتباهك إلى شيء آخر، يمكن أن يحسن التركيز الذهني بشكل كبير. لذلك في المرة القادمة التي تعمل فيها على مهمة مطولة، مثل إعداد الضرائب أو الدراسة لامتحان، تأكد من منح نفسك استراحة ذهنية عرضية. حوّل انتباهك إلى شيء لا علاقة له بالمهمة التي بين يديك، حتى لو كان ذلك لبضع لحظات. قد تساعد هذه اللحظات القصيرة من الراحة على الحفاظ على تركيزك العقلي حادًا وأدائك عالي عندما تعود لاستكمال المهمة.

 

إن بناء تركيزك العقلي ليس شيئًا سيحدث بين عشية وضحاها. حتى الرياضيين المحترفين يحتاجون إلى الكثير من الوقت والممارسة؛ لتقوية مهارات التركيز لديهم. تتمثل إحدى الخطوات الأولى في التعرف على تأثير التشتت على حياتك. إذا كنت تكافح من أجل تحقيق أهدافك ووجدت نفسك مشتتًا بتفاصيل غير مهمة، فقد حان الوقت للعمل على تحسين التركيز. فمن خلال بناء تركيزك العقلي، ستجد أنك قادر على تحقيق المزيد والتركيز على الأشياء في الحياة التي تجلب لك النجاح، والسعادة، والرضا.

في الأخبار